ومفسدة ثابت، وهذا يكفى للقبح، لأن التحرز عن الضرر المحتمل واحتمال الفساد، واجب، والامتناع عنه قبح.
قلنا: نحن ادعينا أنه ليس في الانتفاع بهذه الأشياء وجه قبح معلوم قطعاً، كعلمنا بوجه النفع فيه، وهذا لا يمكن إنكاره. فمن ادعى أن فيه وجه القبح دون ذلك في العلم، وإنه يكفى للحظر- فعليه الدليل.
أما ما ذكر من الوجهين:
أما الأول- فالجواب عنه من وجوه:
أحدها- أن معنى كون الشيء ملك لنا، يخالف معنى كونه ملكاً لله تعالى، فلا يجوز الاستدلال بالشاهد على. الغالب.
بيانه- أن معنى كون الشيء ملكاً لواحد منا، هو أنه اختص به من غيره، بجهة الانتفاع، وهذا مستحيل في حق الله تعالى. بل معنى كون الأشياء ملكاً له، أنه القادر على إيجادها وإثباتها، وهذا لا يمنع من الانتفاع بها. فإن قال: معنى كونه ملكاً له، ليس ما قلتم، بل هو أنه ليس لغيره التصرف فيما إلا بإذنه- قيل له: هذا تعليل الحكم بنفسه، ومع ذلك ممنوع.
وثانيها- أن الانتفاع بملك الغير إنما يحرم في الشاهد، لا لكونه ملكاً للغير، بل لأنه يستضر به المالك، ألا ترى أن الانتفاع على وجه لا يستضر به المالك لا يمنع، كالنظر في مرآة الغير والاستظلال بظل حائط الغير، وهذا لا يتصور فى حقه تعالى.
وثالثها- أن الانتفاع بملك الغير إنما يحرم بغير إذنه، وخلق هذه الأشياء مشتملة على وجوه المنافع وإباحة الانتفاع في العقل، يجرى مجرى الإذن من الله تعالى بذلك.
ورابعها- أن الامتناع من الانتفاع بها إضرار بالنفس، وهى ملك الله تعالى،