للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل لزيد بن أسلم (وهو من صغار التابعين): عمن يا أبا أسامة؟ قال: " ما كنا نجالس السفهاء، ولا نحمل عنهم " (١).

كذلك مما يوجب التشديد في الاعتبار بحديث المجهول في الطبقات المتأخرة، خصوصاً مجهول العين: ما عرف من طائفة من الرواة من تدليس الأسماء، فربما كان ذلك المجهول شيخاً واهياً لم يتعين أمره للتدليس.

ولا شك أن تمييز من يفعل ذلك من المدلسين طريق لتوقي حديث مثل هؤلاء المجهولين.

غير أن الشأن في الجملة: صحة الاعتبار برواية المجهول، وإن كان مجهول العين، كشأن الاعتبار بالحديث المنقطع، من جهة الجهالة بعين الساقط.

قال الدارقطني: " من لم يرو عنه إلا رجل واحد، انفرد بخبر، وجب التوقف عن خبره ذلك حتى يوافقه غيره " (٢).

وإذا صح الاعتبار برواية مجهول العين، صح بالأولى الاعتبار برواية مجهول الحال والمستور، خصوصاً أن الأخيرين ربما صرنا إلى الحكم بقبول حديثهما لذاته، وذلك عند استيفاء شروط الحسن.

ثانياً: حديث سيء الحفظ، وهو راوي الحديث الذي يضعف بسبب لينه، لا من يبلغ الترك لغلبة خطئه.

وهذا من أكثر ما اعتنى أئمة الحديث بالاعتبار به، وأكثر ما جرى عليه الترمذي فيما حسنه من الحديث لغيره إنما كان من روايات هذا الصنف، والمعنى فيه ظاهر فإن الصدق في الجملة ثابت للراوي، وسوء حفظه لم يغلب الخطأ على حديثه، فحيث نجد ما يشده فإن قبول حديثه متعين؛ لزوال الشبهة.


(١) أخرجه أبو زرعة الدمشقي في " تاريخه " (١/ ٤٤١) وإسناده حسن .......
(٢) سنن الدارقطني (٣/ ١٧٤) .......

<<  <  ج: ص:  >  >>