للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مسلم: " وما علمنا أحد من أئمة السلف ممن يستعمل الأخبار ويتفقد صحة الأسانيد وسقمها، مثل أيوب السختياني وابن عون ومالك بن أنس وشعبة بن الحجاج ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي، ومن بعدهم من أهل الحديث، فتشوا عن موضع السماع في الأسانيد .. وإنما كان تفقد من تفقد منهم سماع رواة الحديث ممن روى عنهم، إذا كان الراوي ممن عرف بالتدليس في الحديث وشهر به، فحينئذ يبحثون عن سماعه في روايته، ويتفقدون ذلك منه كي تنزاح عنهم علة التدليس " (١).

وذكر مسلم أمثلة عديدة لقبول أهل العلم الحديث تصحيحه والاحتجاج به، مع أنه لم يأت إلا من وجه قد قال فيه الراوي: (عن فلان) ولم يثبت أنهما اجتمعا ولا تشافها في شيء من الرواية.

وقال الحاكم في المعنعنات: " هي متصلة بإجماع أئمة النقل، على تورع رواتها عن أنواع التدليس " (٢).

وهذا بينه مسلم ودل عليه ما ذكره الحاكم، تفيده كذلك عبارات بعض المتقدمين:

فقد قال أبو بكر الحميدي وهو يذكر صفة الحديث الثابت، فجعل ما يحدثه الراوي عن شيخ قد أدركه متصلاً بمجرد ذلك، قال: " وإن لم يقل كل واحد ممن حدثه: (سمعت) أو (حدثنا) حتى ينتهي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإن أمكن أن يكون بين المحدِّث والمحدَّث عنه واحد أو أكثر؛ لأن ذلك عندي على السماع؛ لإدراك المحدث من حدث عنه حتى ينتهي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولازم صحيح يلزمنا قبوله ممن حمله إلينا إذا كان صادقاً، مدركاً لمن روى ذلك عنه " (٣).


(١) مقدمة صحيح مسلم (ص: ٣٢ _ ٣٣).
(٢) معرفة علوم الحديث (ص: ٣٤).
(٣) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: ٦٣) وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>