للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبين سببه بما يوافقه فيه الحافظ ابن كثير، حيث قال: " كان من أشد الناس تأويلاً في باب الأصول وآيات الصفات وأحاديث الصفات؛ لأنه كان أولاً قد تضلع من علم المنطق .. ففسد بذلك حاله في باب الصفات " (١).

ومع ذلك فقد اعتد أهل العلم بذكر قوله في الرجال، على خطأ له في ذلك وأوهام.

[٣] أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (المتوفى سنة: ٤٥٨).

الإمام الكبير الحافظ المحقق، صاحب التصانيف النافعة في علوم الدين، شهرته بالإمامة والمعرفة مغنية عن التفصيل.

كان قد اجتهد في إصابة طريقة أهل الحديث والثبات عليها في العقائد، إلا أنه تأثر بشيخه أبي بكر بن فورك من رءوس أتباع أبي الحسن الأشعري، فوافق أهل الكلام في بعض فروع المسائل الاعتقادية، كمسألة القرآن (٢) وغيرها.

ومع ذلك فهو ناقد معتبر القول في الجرح والتعديل وتمييز الرواة.

فهؤلاء الأئمة مثال لكون الخطأ في بعض فروع الاعتقاد بالتأويل لا يؤثر في أهلية الناقد واعتبار قوله.

نعم، يوجب احتياطاً في قبول جرحه أو تعديله عند المعارضة، أي عند اختلاف نقاد المحدثين في راو جرحاً وتعديلاً، لكن ليس هذا من باب كونه معتبر القول جملة أو لا، وهذا الباب هو المقصود هنا بالتقرير.


(١) البداية والنهاية (١٢/ ٥٥٣).
(٢) شرحتُ اعتقاد الأشعرية في القرآن ومُخالفته لعقيدة السلف، في كتابي " العقيدة السلفية في كلام رب البرية "، وخُلاصة ذلك المذهب أنهم يقولون: القرآن كلام الله، وكلام الله غير مخلوق، إذ هُو كلام نفسيٌّ قائم بذاتِهِ تعالى، ليس هو هذا المؤلف من الحروف باللسان العربي، فهذا إنما هو عبارةٌ عن كلام الله، وليس كلام الله حقيقةً، وهو مخلوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>