للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخزاعي الذي كان من أشد الناس خلافاً لأهل الرأي الحنفية، ثم قال ابن عدي: " وابن حماد متهم فيما يقوله لصلابته في أهل الرأي " (١).

وكان حدث برواية أبي حنيفة عن منصور بن زاذان عن الحسن عن معبد بحديث إعادة الوضوء والصلاة من القهقهة، ثم قال: " هو معبد بن هوذة الذي ذكره البخاري في كتابه في تسمية أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم "، فتعقبه ابن عدي فقال: " وهذا الذي ذكره ابن حماد غلط، وذلك أنه قيل: معبد الجهني، فكيف يكون جهنياً أنصارياً؟ ومعبد بن هوذة أنصاري، وله حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكحل، إلا أن ابن حماد اعتذر لأبي حنيفة فقال: هو معبد بن هوذة؛ لميله إلى أبي حنيفة، ولم يقله أحد (عن معبد) في هذا الإسناد إلا أبو حنيفة " (٢).

فأقول: من كان هذا وصفه فيخشى من جرحه لمخالفه أن لا يكون صدر منه ذلك على وجه الإنصاف، كما يخشى من تعديله لموافقه لنفس المعنى، فلا يجوز أن يقبل منه هذا ولا ذاك في راو علمنا كونه على مذهبه أو على خصام لمذهبه.

ويجب أن لا تغفل ما للخلاف في المذهب من التأثير في المتكلمين في الرجال، فراقب ذلك، خصوصاً في حال تعارض الجرح والتعديل.

وأكثر ما كان شائعاً من العصبية للمذهب في القرون الأولى ما كان بين أهل الحديث وأهل الرأي، فلا يقبل كلام بعضهم في بعض إلا من أهل وبحجة.

واعلم أن المثالين المتقدمين (الجوزجاني والدولابي) قد اختلت فيهما صفة الناقد، فنزل عن كونه أهلاً للاعتماد عليه بيناً انحرافه فيه، لا مطلقاً.


(١) تهذيب الكمال (٢٩/ ٤٧٦).
(٢) الكامل، لابن عدي (٤/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>