للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتكلم فيه أحمد؛ لكونه من أجل صغره لم يضبط ما سمع من سفيان، فهو يقول: لو أنه ضبط ما ضره الصغر، فالشأن في الضبط.

والظاهر أن يحيى بن معين إنما أراد سن النضج، ولم يرد أن الراوي يجرح في روايته عن الشيخ المعين لمجرد كونه حمل عنه في الصغر، وإنما جرحه لو كان، فمن جهة ضعف ضبطه، وذلك من أجل صغره.

ومن الدليل على هذا أن ابن معين قال في (قبيصة): " قبيصة ثقة في كل شيء، إلا في سفيان؛ فإنه سمع وهو صغير " (١)، وروى عنه عباس الدوري قوله: " قبيصة وأبو أحمد الزبيري ويحيى بن آدم والفريابي، سماعهم من سفيان قريبٌ من السواء " قال عباس: قلت له: فأبو داود الحَفري؟ قال: كان أبو داود خيراً من هؤلاء كلهم، وكان أصغرهم سِنًّا (٢).

قلت: أبو داود هذا هو عُمر بن سعدٍ، رجحه ابنُ معين على قبيصة ومن معه في سفيان، وعده في رواية الدارمي عنه من ثقات أصحاب سفيان (٣)، مع أنه كان أصغر سناً من قبيصة ومن معه.

فمن جرى على غمز بعض الرواة بمجرد كونهم حملوا عن بعض شيوخهم في الصغر، لا يعتد بذلك كقادح في حديثهم، حتى يثبت أنهم لم يكونوا ضابطين:

ومن أمثلة ما لا يقبل:

١ _ ما حكاه نعيم بن حماد ن قال: سمعت ابن عيينة يقول: " لقد أتى هشام بن حسان عظيماً بروايته عن الحسن "، قيل لنعيم: لم؟ قال " لأنه كان صغيراً " (٤).


(١) أخرجه الخطيب في " تاريخه " (١٢/ ٤٧٤) عن " تاريخ " ابن أبي خيثمة عن يحيى.
(٢) تاريخ يحيى ابن معين (النص: ١٧٧٢).
(٣) تاريخ عثمان الدارمي (النص: ٩٧).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في " التقدمة " (ص: ٤٣) و " الجرح والتعديل " (٤/ ٢ / ٥٦) ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية " (ص: ١٠٣) وإسناده صحيح إلى نعيم، أما هو فصالحُ الأمر في مثل هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>