للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعن محمد بن سيرين، قال: " كان في الزمن الأول لا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة سألوا عن الإسناد؛ لكي يأخذوا حديث أهل السنة، ويدعوا حديث أهل البدع " (١).

وعن مالك بن أنس، قال: " لقد تركت جماعة من أهل المدينة ما أخذت عنهم من العلم شيئاً، وإنهم لممن يؤخذ عنهم العلم، وكانوا أصنافاً: فمنهم من كان كذاباً في غير علمه، تركته لكذبه، ومنهم من كان جاهلاً بما عنده، فلم يكن عندي موضعاً للأخذ عنه لجهله، ومنهم من كان يدين برأي سوء " (٢).

المذهب الثاني: التفريق بحسب شدة البدعة وخفتها في نفسها، وبحسب الغلو فيها أو عدمه بالنسبة إلى صاحبها.

قال أحمد بن حنبل: " احتملوا المرجئة في الحديث " (٣).

وقال إبراهيم الحربي: حدثنا أحمد يوماً عن أبي قطن (يعني عمرو بن الهيثم)، فقال له رجل: إن هذا بعدما رجع من عندكم إلى البصرة تكلم


(١) أثرٌ صحيح. أخرجه مُسلم في " مُقدمة صحيحه " (١/ ١٥) والترمذي في (العلل) آخر كتاب " الجامع " (٦/ ٢٣١) والجوزجاني في " أحوال الرجال " (ص: ٣٥ _ ٣٦) وعبد الله بن أحمد في " العلل " (النص: ٣٦٤٠) وابنُ أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (١/ ١ / ٢٨) والرامهرمزي في " المحدث الفاصل " (ص: ٢٠٨ _ ٢٠٩) والعُقيلي في " الضعفاء " (١/ ١٠) وابنُ عدي في " الكامل " (١/ ٢١٤) وابنُ حبان في " المجروحين " (١/ ٨٢) والخطيب في " الكفاية " (ص: ١٩٧) من طريق إسماعيل بن زكريا الخُلقانيِّ، عن عاصم الأحوال، عن ابن سيرين، به. وإسناده جيد.

وعدَّه يحيى بن معين في " تاريخه " (النص: ٢١١٥) مما تفرد به إسماعيل. لكن أخرجه بمعناه: الخطيب في " الكفاية " (ص: ١٩٧) من طريق مُحمد بن حميد، قال: حدثنا جرير (يعني ابنَ عبد الحميد)، عن عاصم. غيرَ أن هذه متابعةٌ لا يُركن إليها ولا يُتعقب بها؛ لأنَّ ابنَ حُميد هو الرازي ضعيف جدًّا.
(٢) أخرجه ابنُ عبد البرِّ في " التمهيد " (١/ ٦٥) بإسناد صحيح.
(٣) سؤالات أبي داود (النص: ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>