للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقدر وناظر عليه، فقال أحمد: " نحن نحدث عن القدرية، لو فتشت أهل البصرة وجدت ثلثهم قدرية " (١).

وأحمد شدد في حديث الجهمية لغلظ بدعتهم، وتوسط في القدرية، فقبل من لم يكن داعية، وسهل في المرجئة، قال ابن رجب الحنبلي: " فيخرج من هذا: أن البدع الغليظة كالتجهم يرد بها الرواية مطلقاً، والمتوسطة كالقدر إنما يرد رواية الداعي إليها، والخفيفة كالإرجاء، هل يقبل معها الرواية مطلقاً، أو يرد عن الداعية؟ على روايتين " (٢).

وقال مسلم بن الحجاج: " الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها، وثقات الناقلين لها من المتهمين، أن لا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه والستارة في ناقليه، وأن يتقي منها ما كان منها عن أهل التهم، والمعاندين من أهل البدع " (٣).

المذهب الثالث: التفريق بين الداعي إلى بدعته، وغير الداعي، فيرد الأول، ويقبل الثاني.

قال الحاكم: " الداعي إلى البدعة لا يكتب عنه ولا كرامة؛ لإجماع جماعة من أئمة المسلمين على تركه " (٤).

هذا منقول عن عبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين (٥).

قال نعيم بن حماد: سمعت ابن المبارك وقيل له: تركت عمرو بن


(١) أخرجه الخطيب في " تاريخه " (١٢/ ٢٠٠) وإسناده حَسنٌ.
(٢) شرح علل الترمذي (١/ ٥٦)، والرواية الأولى عن أحمد في المرجئة في القبول مُطلقاً هي التي ذكرْت، وأما الثانية فتأتي في المذهب الثالث.
(٣) مُقدمة صحيح مُسلم (ص: ٨).
(٤) مَعرفة علوم الحديث (ص: ١٦).
(٥) الكفاية، للخطيب (ص: ٢٠٣ _ ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>