للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منكرة، فتغير حاله عند أهل الحديث وكان يحيى بن معين يقول: " كذاب "، لكن أبا زرعة الرازي يفسر تلك المنكرات منه بسبب قبوله التلقين، فيقول: " كان شيخاً صالحاً، إلا أنه كلما لقن يلقن، وكلما قيل: إن هذا من حديثك حدث به، يجيئه الرجل فيقول: هذا من حديث معلى الرازي، وكنت أنت معه، فيحدث بها على التوهم " (١).

وهذا التفسير من أبي زرعة يدفع عنه تعمد الكذب، مع أن أحاديثه موضوعة، فمثله متروك الحديث على أي حال.

والعلة في التردد في بعض هؤلاء بين الاعتبار بحديثه أو تركه كلية، وكذلك من كان أمره إلى ترك حديثه مطلقاً، هو قدر الغلط في حديثهم.

وحيث إن أحدهم لم يبلغ به الجرح حد التهمة، فإن سبب الجرح يعود إلى سوء حفظه الموجب كثرة خطئه وغلبته.

مظان سياق منكرات الراوي:

كتب الجرح والتعديل قد سلك أكثرها مسلك الاختصار، فمع أن الناقد صار إلى جرح الراوي بحسب ما ظهر له من حاله وحديثه، إلا أنه لا يكاد يسوق مثالاً من مرويات ذلك المجروح مما كان دليلاً لديه على جرحه، سوى أن ما تفرق من جرح للرواة في أثناء كتب علل الحديث يصلح أن يستفاد من تلك الأحاديث المعللة أمثلة على ما من أجله قدح في بعض الرواة، فهذا طريق.

كذلك اعتنى المتأخرون الذين صنفوا في تتبع المجروحين بجمع أنكر ما للراوي المجروح، أو مثلوا ببعض ذلك ليستدل به على ما عداه، وذلك مثل: أبي أحمد بن عدي في كتاب " الكامل "، وأبي جعفر العقيلي في كتاب " الضعفاء "، وأبي حاتم بن حبان في كتاب " المجروحين "، كما جرى على


(١) الجرح والتعديل (٤/ ١ / ١٠٣ _ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>