للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمثال هذا أو ذاك ممن لم يرو إلا القليل، ومع ذلك يتفرد بما لا يعرف عن الثقات، فهذا يعود عليه تفرده ذلك بالجرح لا بالمحمدة.

المسألة الثالثة: الإصرار على الخطأ.

يراد به أن يبين للراوي أنه أخطأ، فيصر أنه مصيب، ولا يرجع إذا بين له، وهذا جعله بعض النقاد قادحاً فيمن عرف منه مطلقاً، وبعضهم يذكره قادحاً لكن لا يطلقه، ولذلك فقد ذكر به بعض من استقر عند الأكثرين توثيقهم.

والتحرير لهذه المسألة: أن القدح في الراوي إنما هو من جهة خطئه لا من جهة إصراره على ما يحسب نفسه مصيباً فيه.

قال حمزة السهمي: سألته (يعني الدارقطني) عمن يكون كثير الخطأ؟ قال: " إن نبهوه عليه ورجع عنه فلا يسقط، وإن لم يرجع سقط " (١).

ومن أمثلته في الضعفاء (سفيان بن وكيع) "

قيل لأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: لم رويت عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، وتركت سفيان بن وكيع؟ فقال: " لأن أحمد بن عبد الرحمن لما أنكروا عليه تلك الأحاديث رجع عنها عن آخرها، إلا حديث مالك عن الزهري عن أنس: (إذا حضر العشاء)، فإنه ذكر أنه وجده في درج من كتب عمه في قرطاس، وأما سفيان بن وكيع، فإن وراقه أدخل عليه أحاديث، فرواها، وكلمناه فيها فلم يرجع عنها، فاستخرت الله وتركت الرواية عنه " (٢).

و (المسيب بن واضح)، قال أبو حاتم الرازي: " صدوق، كان يخطئ كثيراً، فإذا قيل له لم يقبل " (٣).


(١) سؤالات السهمي (النص: ١).
(٢) أخرجه الخطيب في " الجامع " (رقم: ١١٢٠) وإسناده صحيح.
(٣) الجرح والتعديل (٤/ ١ / ٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>