للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن حبان: " صناعة الحديث صناعة من لم يقنع بيسير ما سمع عن كثير ما فاته "، قال: " وكل من حدث عن كل من سمع في الأيام وبكل ما عنده، عرض نفسه للقدح والملام، ولست أعلم للمحدث إذا لم يحسن صناعة الحديث خصلة خيراً له من أن ينظر إلى كل حديث يقال له: إن هذا غريب ليس عند غيرك، أن يضرب عليه من كتابه ولا يحدث به؛ لئلا يكون ممن يتفرد دائماً، لو أراد الحاسد أن يقدح فيه تهيأ له، ولا يسمعه أن يروي إلا عن شيخ ثقة بحديث صحيح، يكون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنقل العدل عن العدل موصولاً " (١).

والناقد إذا روى الراوي الذي لا يحتمل الإغراب لعدم شهرته بالحفظ، أو لقلة ما روى، جاء عن الراوي المشهور بغير المعروف من حديثه من رواية الثقات، كان ذلك شبهة للقدح فيه، وتقوى حتى تثبت على ذلك الراوي بحسب نوع ما تفرد به وقدره، ويقع هذا في شأن راو قليل الحديث أصلاً غير مشهور ربه.

ومن أمثلة هؤلاء: (سعيد بن زربي)، ذكر العقيلي حديثاً من روايته عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لقد أوتي أبو موسى مزماراً من مزامير آل داود "، قال العقيلي: " ولا يتابع عليه من حديث ثابت، وقد روي هذا بإسناد جيد ثابت من غير هذا الوجه " (٢).

وكقول ابن حبان في (محمد بن عبيد الله (٣) العصري): " منكر الحديث جداً، يروي عن ثابت ما لا يتابع عليه كأنه ثابت آخر، لا يجوز الاحتجاج به، ولا الاعتبار بما يرويه إلا عند الوفاق للاستئناس به " (٤).


(١) المجروحين، لابن حبان (٣/ ٩٣).
(٢) الضعفاء، للعُقيلي (٢/ ١٠٧).
(٣) هكذا وقع (عبيد الله) مصغَّراً في بعض محال ترجمته، و (عبد الله) مكبَّراً في بعض آخر، والأول أشْبه بالصواب.
(٤) المجروحين (٢/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>