للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل ما ذكرت من غلبة الجهالة على النساء أنهم لم يكونوا يرغبون في الرواية عنهن؛ لأنها رواية عن المجهولات.

قال أبو هاشم الرماني: " كانوا يكرهون الرواية عن النساء، إلا عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم " (١).

وقال شعبة بن الحجاج: " كنت إذا أتيت الكوفة يسألني الأعمش عن حديث قتادة، فقلت له يوماً: حدثنا قتادة عن معاذة، قال: عن امرأة؟! اغرب، اغرب! " (٢).

وقال أبو الحسن ابن القطان: " أحاديث النساء متقاة محذور منها قديماً من أئمة هذا الشأن، إلا المعلومات منهن الثقات، فأما هؤلاء الخاملات القليلات العلم، اللاتي إنما اتفق لهن أن روين أحاديث آبائهن أو أمهاتهن أو إخوانهن أو أخواتهن أو أقربائهن بالجملة .. فإن الغالب في هؤلاء أنهن من المستورات كمساتير الرجال، فأما مثل عمرة بنت عبد الرحمن وعائشة بنت طلحة وصفية بنت شيبة وأشباههن من ثقاتهن، فلا ريب في وجوب قبل روايتهن " (٣).

وعقد الذهبي في أواخر كتابه " ميزان الاعتدال " فصلاً قال فيه: " فصل في النسوة المجهولات، وما علمت في النساء من اتهمت ولا من تركوها " (٤).

قلت: وهذا يدل على خفة تأثير ذلك في حديثهن.


(١) أخرجه عبد الله بن أحمد في " العلل ومعرفة الرجال " (النص: ٤٩٥٦) بإسنادٍ صحيح، وأبو هاشم هذا ثقةٌ فقيه يروي عن التابعين.
(٢) أخرجه ابنُ عدي في " الكامل " (١/ ١٤٦) وإسناده صحيح. ومُعاذةُ هيَ العدوية، تابعيةٌ ثقةٌ.
(٣) بيان الوهم والإيهام (٥/ ١٤٦).
(٤) ميزان الاعتدال (٤/ ٦٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>