الأصل الثالث: قول الراوي: (حدثني الثقة) أو: (حدثني من لا أتهم) ولا يسمي ذلك الشيخ، فهل يعتد بهذا التعديل؟
عدم تسمية الراوي، أو عدم ذكر ما يتميز به شخصه، فيمن دون الصحابة من الرواة، لا يرفع من أمره شيئاً أن يقول الراوي عنه:(حدثني الثقة) أو: (حدثني من لا أتهم)، حتى وإن كان ذلك الراوي معدوداً فيمن يميز النقلة.
وذلك أنا نعلم أن النقاد يختلفون في النقلة، فربما لو سمى ذلك الراوي شيخه لكن مجروحاً بقادح عند غيره من أئمة الحديث.
قال العلائي:" والذي عليه أكثر المحققين: أنه لا يكتفى بقول الراوي: حدثني الثقة، من غير ذكر اسمه، فإنه إذا صرح باسمه وعرفناه زال ذلك الاحتمال إذا لم يظهر فيه جرح بعد البحث "(١).
بل إن عدوله عن تسمية شبهة في أنه ربما علم أنه لو سماه لرد أهل العلم روايته.
ومن أمثلة قول الناقد: قول الشافعي: " أخبرنا الثقة عن فلان " ويسمي شيخ ذلك الثقة عنده.
فالشافعي ممن له دراية بالنقلة، لكنا لا نقبل منه قوله في شيخه المبهم:" الثقة " دون أن يسميه، فإنه روى عن بعض الشيوخ المجروحين، ومن أبرزهم إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي، وهو متروك عند سائر كبار النقاد، ومعروف أن الشافعي كان يوثقه.
أما ما جاء عن بعض أهل العلم في تعيين المراد ببعض من أرادهم الشافعي بذلك، فذلك مما لا يمكن القطع به، بل الظاهر أنه أجري على مجرد الاحتمال.