للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل الخامس: توضيح طريقة أبي حاتم الرازي في الحكم بجهالة الراوي.

الإمام أبو حاتم تعرض للكلام في النقلة على سبيل التصنيف المستوعب، وذلك فيما كان يعرضه عليه ولده عبد الرحمن من أسمائهم يسأله عنهم، إذ كتابه الفذ " الجرح والتعديل " يكاد يكون من تصنيف أبي حاتم نفسه.

فنجد كثيراً من الرواة يحكم عليهم أبو حاتم بالجهالة، فيقول تارة وهو الأكثر: (مجهول)، وتارة: (لا أعرفه)، وربما قال: (لا يعرف)، كما يقول في الراوي: (غير مشهور)، وربما أضاف إلى ذلك كلمة (شيخ) وهي في هذا السياق مضمومة إلى غيرها لا تدل على شيء في جرح الراوي أو تعديله.

وقد تأملت طريقة أبي حاتم في أولئكم الرواة، فوجدت الأصل في نظره يقوم على اعتبار مقدار ما روى ذلك الراوي، ونوع مرويه مسنداً أو مرسلاً، مرفوعاً أو غير مرفوع، مع ملاحظة طريق العلم به وبروايته، وذلك بالنظر إلى من روى عنه.

فعامة من وصفهم بالجهالة ممن لم يبلغه من حديثهم إلا الحديث الواحد، أو اليسير جداً، أو الأثر عن صحابي قولا أو فعلاً، فذلك المروي إن كان معروفاً من طريق محفوظ وجدته أثنى على حديث ذلك الراوي دون شخصه، وهذا كثير منثور في الكتاب، وربما وصفه بالجهالة مع تقوية حديثه، كقوله مثلاً في (أحمد بن إبراهيم أبي صالح الخراساني): " شيخ مجهول، والحديث الذي رواه صحيح " (١)، وقال في (سعيد بن محمد الزهري): " ليس بمشهور، وحديثه مستقيم، إنما روى حديثاً واحداً " (٢).


(١) الجرح والتعديل (١/ ١ / ٣٩).
(٢) الجرح والتعديل (٢/ ١ / ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>