للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عدي: سمعت أحمد بن محمد بن سعيد يقول: سمعت ابن خراش يحلف بالله: " إن أبا مسعود أحمد بن الفرات يكذب متعمداً ".

فتعقبه ابن عدي فقال: " وهذا الذي قاله ابن خراش لأبي مسعود هو تحامل، ولا أعرف لأبي مسعود رواية منكرة، وهو من أهل الصدق والحفظ " (١).

وعاب الذهبي على ابن عدي إيراده في " كتابه "، فقال: " ذكره ابن عدي فأساء، فإنه ما أبدى شيئاً غير أن ابن عقدة روى عن ابن خراش، وفيهما رفض وبدعة " وذكر النص السابق.

وأقول: لا عيب على ابن عدي، فإنه يذكر في كتابه من تكلم فيه، فإن كان بباطل رده، وهكذا فعل هنا.

وقال الذهبي في " السير " (٢): " من ذا الذي يصدق ابن خراش ذاك الرافضي في قوله؟! ".

قلت: ومما نرد قول ابن خراش إلا لأجل المذهب، وأبو مسعود قد استقرت ثقته وثبت إتقانه، وشاع علمه.

ومن قبيح ما سودت به صحف كثيرة ما وقع من نقمة جماعة من أهل الحديث على أبي حنيفة وأصحابه، بسبب المذهب.

كما قال يحيى بن معين: " أصحابنا يفرطون في أبي حنيفة وأصحابه " فقيل له: أكان أبو حنيفة يكذب؟ فقال: " كان أنبل من ذلك " (٣).

قلت: وتلك الطعون التي سودت بها صحف كثيرة لا تعود في التحقيق إلا إلى التحامل بسبب خلاف المذهب كمن أطلق أن أبا حنيفة


(١) الكامل (١/ ٣١٢).
(٢) سير أعلام النبلاء (١٢/ ٤٨٧).
(٣) أخرجه ابنُ عبد البر في " بيان العلم " (رقم: ٢١٠٦) وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>