للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يبيح المسكر، وهو إنما أباح باجتهاده النبيذ الذي لم يستثن من حفاظ وأئمة الكوفيين من موافقته فيه إلا الفرد بعد الفرد، إلى أشياء أخرى طعن فيها على أبي حنيفة وأصحابه كأبي يوسف ومحمد بن الحسن، كانت بسبب مخالفة الطاعن لأبي حنيفة في مذهبه، وأنه كان يدع الحديث بالرأي، وهذا لو صح فمعروف أن الفقيه قد يدع العمل بالحديث لأسباب صحيحة معتبرة، ولم يسلم من ذلك فقيه من فقهاء الأمة الكبار المتبوعين.

فهذا مالك بن أنس، وقد أجمعوا على ثقته، ومع ذلك فقد ترك القول بأحاديث هي عنده صحيحة، لمعارضات معتبرة لديه، وهذا ابن عبد البر المالكي يورد عن الليث بن سعد قوله: " أحصيت على مالك بن أنس سبعين مسألة، كلها مخالفة لسنة رسول الله صلى عليه وسلم مما قال فيها برأيه، ولقد كتبت إليه أعظه في ذلك " (١).

وللشافعي في الرد على مالك، كما له في الرد على محمد بن الحسن والأوزاعي، وكثير مما يعود إليه ذلك: القول بالحديث أو تركه.

فمثل هذا لا يجوز التعلق به من أقوال المجرحين، في حق من عرف مقامه في الدين.

كما يجب أن يتفقد من عبارة الجارح في كل مخالف له في مذهبه، إذ هو بشر يعتريه من حال البشر، ويتكلم في الغضب والرضى، والعدل مجاهدة، وكم من جرح يمكن تخريجه على مثل هذا؟

وأما الميل إلى التعديل، فكتوثيق ابن عقدة الحافظ الشيعي لبعض من على مذهبه من المجروحين، وهو قليل.

وقال يحيى بن معين: " كان أبو نعيم (٢) إذا ذكر إنساناً فقال: هو


(١) جامع بيان العلم وفضْله (رقم: ٢١٠٥) تعليقاً.
(٢) يعني الفَضل بَن دُكين، وهوَ من حُفاظ الكوفة ومُتقنيهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>