للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي جرح مبهم، فإذا لم يوجد تفسير مؤثر لسببها، فالأصل: أن لا عبرة بها إذا عارضت التعديل من أهله، إلا مراعاة معنى استثنائي يأتي التنبيه عليه.

قال الضياء المقدسي في (شريح بن النعمان الصائدي) بعد أن ذكر قول أبي إسحاق السبيعي فيه: " وكان رجل صدق ": " وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وكذا عادة أبي حاتم يقول في غير واحد ممن روى له أصحاب الصحيح: لا يحتج به، ولا يبين الجرح، فلا نقبل إلا ببيان الجرح " (١).

وكذلك قال أبو الحسن ابن القطان الفاسي راداً قول أبي حاتم في (بهز بن حكيم): " وقول أبي حاتم: لا يحتج به، لا ينبغي أن يقبل منه إلا بحجة " (٢).

كما قال رداً لقول أبي حاتم في (أيوب أبي العلاء): " وقول أبي حاتم فيه: لا يحتج به، لا يلتفت إليه إذا لم يفسره، كسائر الجرح المجمل " (٣).

قلت: لكن بين أبو حاتم مراده باستعمال هذه العبارة، بما يزيح عنه بعض الإجمال، فإنه قال: " إبراهيم بن مهاجر ليس بقوي، هو وحصين بن عبد الرحمن، وعطاء بن السائب، قريب بعضهم من بعض، محلهم عندنا الصدق، يكتب حديثهم ولا يحتج بحديثهم "، قال ابنه عبد الرحمن: قلت لأبي: ما معنى: لا يحتج بحديثهم؟ قال: " كانوا قوماً لا يحفظون، فيحدثون بما لا يحفظون فيغلطون، ترى في حديثهم اضطراباً ما شئت " (٤).

قلت: فهذا البيان يورد شبهة في حديث من وصف بها، فإن عارضها التعديل، فمع قولنا: (هي جرح مجمل)، إلا هذا البيان من أبي حاتم


(١) الأحاديث المختارة (٢/ ١١٤).
(٢) بيان الوهم والإيهام (٥/ ٥٦٦).
(٣) بيان الوهم والإيهام (٥/ ٤٠٢).
(٤) الجرح والتعديل (١/ ١ / ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>