للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم، الأحاديث المروية عن أبي هريرة في إثبات المسح عديدة، لكنها معلولة بغير علة (١)، غير أن مخالفتها المروي عنه في إنكار المسح من جملة تلك الأدلة على ضعفها.

والرواية عن أبي هريرة بترك المسح جاءت عنه من وجهين:

الأول: عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، قال: سألت أبا هريرة عن المسح على الخفين؟ قال: فدخل أبو هريرة دار مروان بن الحكم، فبال، ثم دعا بماء فتوضأ، وخلع خفيه، وقال: ما أمرنا الله أن نمسح على جلود البقر والغنم (٢).

والثاني: عن أبي رزين، قال: قال أبو هريرة: ما أبالي، على ظهر خفي مسحت، أو على ظهر حمار (٣).

وهذان خبران صحيحان عن أبي هريرة، ظاهران في مذهبه في ترك المسح على الخفين، وقد حكم بثبوتها عن أبي هريرة مسلم بن الحجاج، وقال: " ولو كان قد حفظ المسح عن النبي صلى الله عليه وسلم كان أجدر الناس وأولاهم للزومه والتدين به، فلما أنكره. . . بان ذلك أنه غير حافظ المسح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن من أسند ذلك عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، واهي الراوية، أخطأ فيه إما سهواً أر تعمداً ".

قال مسلم بعد إيراده إحدى الطرق عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في


(١) كما بينت ذلك في " علل الحديث ".
(٢) أخرجه مسلم في " التمييز " (رقم: ٨٩) قال: حدثنا مُحمد بن المثنى، حدثنا محمد، حدثنا شُعبةُ، عن يزيد بن زاذِي (في الأصل: زاذان)، قال: سمعت أبا زُرعة، به.
قلت: وهذا إسنادٌ صحيح، ومُحمد هو ابن جَعفر غنْدرٌ.
(٣) أخرجه ابنُ أبي شيبة (١/ ١٨٦) قال: حدثنا يونس بن محمد، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا إسماعيل بن سُميْع، قال: حدثني أبو رَزين، به.
قلت: هذا إسناد صحيح، وأبو رَزين اسمه مَسْعود بن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>