للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إثبات المسح: " هذه الرواية في المسح عن أبي هريرة ليست محفوظة، وذلك أن أبا هريرة لم يحفظ المسح عن النبي صلى الله عليه وسلم، لثبوت الرواية عنه بإنكاره المسح على الخفين " (١).

وسئل الدارقطني عن الأحاديث الواردة عن أبي هريرة في المسح، فذكر خمسة من طرقها، ثم قال: " قال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر، وكلها باطلة، ولا يصح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح " (٢).

ومع صحة الرواية بإنكار المسح عن أبي هريرة، وجدت ابن عبد البر يقول فيه: " لا يثبت " (٣)، ولم يعلله بشيء، وتبعه على ذلك جماعة ممن جاء بعده، وقوله هذا خلاف قول أحمد ومسلم.

بل سبق الشافعي إلى إثبات الرواية بالإنكار عن أبي هريرة، فقال: " ومسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفين، فأنكر المسح علي بن أبي طالب وعائشة وابن عباس وأبو هريرة، وهؤلاء أهل علم بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومسح عمر وسعد وابن عمر وأنس بن مالك، وهؤلاء أهل علم به " (٤).

قلت: فهذا مثال لتعليل الروية أو الروايات بمجيئها على خلاف الثابت المحفوظ عن راويها من رأيه ومذهبه.


(١) التمييز (ص: ٢٠٩).
(٢) العلل (٨/ ٢٧٦)، وحكي ابنُ حجر في " التلخيص " (١/ ١٥٨) قال: " قال أحمد: لا يصحُّ حديث أبي هريرة في إنكار المسح، وهو باطلٌ "، كذا قال، وما نقله الدارقطني عن أحمد هوَ الصواب، وبمعناه كذلك نقل ابنُ رجبٍ عن أحمد في " شرح العلل " (٢/ ٧٩٧)، وفي نصٍّ ساقه ابنُ عبد البر في " التمهيد " (١١/ ١٣٩) من رواية أبي بكر الأثرم عن أحمد أنَّ أبا هريرة كانَ لا يرى المسح، مما يوكِّدُ خطأ حِكاية إنكار أحمد للرواية بترك المسح عن أبي هريرة، وإنما أنكر الرواية عنه بإثبات المسح.
(٣) التمهيد (١١/ ١٣٨).
(٤) الأم: (١٤/ ٥٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>