للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك قال الثقة عبد الله بن هاشم النيسابوري: قال لنا وكيع: " أي الإسنادين أحب إليكم: الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله؟ أو سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله؟ "، فقلنا: الأول، فقال: " الأعمش شيخ، وأبو وائل شيخ، وسفيان فقيه، ومنصور فقيه، وإبراهيم فقيه، وعلقمة فقيه، وحديث يتداوله الفقهاء خير مما يتداوله الشيوخ " (١).

وكان مالك بن أنس لا يحمل الحديث عمن لم يكن يفهمه، حيث قال: " لقد تركت جماعة من أهل المدينة ما أخذت عنهم من العلم شيئاً، وإنهم لممن يؤخذ عنهم العلم، وكانوا أصنافاً: فمنهم من كان كذاباً في غير علمه، تركته لكذبه، ومنهم من كان جاهلاً بما عنده، فلم يكن عندي موضعاً للأخذ عنه لجهله، ومنهم من كان يدين برأي سوء " (٢).

وقال مالك: " أدركت بالمدينة مشايخ أبناء مئة وأكثر، فبعضهم قد حدثت بأحاديثه، وبعضهم لم أحدث بأحاديثه كلها، وبعضهم لم أحدث من أحاديثه شيئاً، ولم أترك الحديث عنهم لأنهم لم يكونوا ثقات فيما حملوا، إلا أنهم حملوا شيئاً لم يعقلوه " (٣).

وقد شدد ابن حبان، فجعل الفقه شرطاً في راوي الحديث الصحيح، وبين علة ذلك بقوله: " إذا كان الثقة الحافظ لم يكن فقيهاً وحدث من حفظه، فربما قلب المتن، وغير المعنى؛ حتى يذهب الخبر عن معنى ما جاء فيه، ويقلب إلي شيء ليس منه وهو لا يعلم، فلا يجوز عندي


(١) أخرجه ابن عدي في" الكامل " (١/ ١٧٢) والحاكم في " تاريخه " (كما في " السير " ١٢/ ٣٢٨ ـ ٣٢٩) والسياق له، والبيهقي في " المدخل " (رقم: ١٤، ١٥) وإسناده صحيح. وأخرجه الرامهرمزي (ص: ٢٣٨) عن شيخٍ مجهول بإسناده إلى ابن هاشم. كما أخرجه الحاكم في " المعرفة " (ص: ١١) والخطيب في " الكفاية " (ص: ) من رواية علي بن خشرم، عن وكيع.
(٢) أخرجه ابن عبد البر في " التمهيد " (١/ ٦٥) بإسناد صحيح.
(٣) أخرجه ابن عبد البر في " التمهيد " (١/ ٦٧) وإسناده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>