٨ _ وقال:" الأحاديث التي وضعتها في كتاب السنن أكثرها مشاهير. . فإنه لا يحتج بحديث غريب، ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أئمة العلم ".
قلت: هذا الوصف قوة لكتابه، ولكن الغريب الصحيح حجة، وعند أبي داود كثير من أفراد الثقات، بل فيه من أفراد الضعفاء كذلك.
وقارن ابن رجب بين أبي داود والترمذي في التخريج لبعض الرواة المتكلم فيهم، وقال في أبي داود:" هو أشد انتقاداً للرجال منه "(١) أي من الترمذي.
وقال الذهبي بعد ذكره لما بينه أبو داود من شرطه في " سننه ":
" قد وفى رحمه الله بذلك بحسب اجتهاده، وبين ما ضعفه شديد ووهنه غير محتمل، وكاسر عما ضعفه خفيف محتمل، فلا يلزم من سكوته والحالة هذه عن الحديث أن يكون حسنا عنده، ولا سيما إذا حكمنا على حد الحسن باصطلاحنا المولد الحادث الذي هو في عرف السلف يعود إلى قسم من أقسام الصحيح الذي يجب العمل به عند جمهور العلماء، أو الذي يرغب عنه أبو عبد الله البخاري ويمشيه مسلم، وبالعكس، فهو داخل في أداني مراتب الصحة، فإنه لو انحط عن ذلك لخرج عن الاحتجاج، ولبقي متجاذباً بين الضعف والحسن.
فكتاب أبي داود أعلى ما فيه من الثابت: ما أخرجه الشيخان، وذلك نحو من شطر الكتاب.
ثم يليه ما أخرجه أحد الشيخين، ورغب عنه الآخر.
ثم يليه ما رغبا عنه، وكان إسناده جيداً سالماً من علة وشذوذ.