للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضبطهم وإتقانهم، والعذر لأحدهم أرجى في ذكر من حدثه بالخبر، فعدول أحدهم إلى الإرسال يورد مظنة القدح في ذلك الراوي الذي أسقط من الإسناد.

والشأن أن الثقة المتقن العارف لا يقصر في ذكر من حدثه لو كان ثقة، كما قال يحيى بن سعيد القطان: " سفيان عن إبراهيم شبه لا شيء؛ لأنه لو كان فيه إسناد صاح به " (١).

وهذا قال بعض الأئمة معناه في غير واحد من أعيان الثقات يبهمون شيوخهم أو يسقطونهم، كالزهري كما تقدم عنه، ومن ذلك:

روى زيد بن أسلم حديثاً اختلف عليه فيه: فرواه معمر بن راشد عنه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه سفيان الثوري عن زيد بن أسلم قال: حدثني الثبت قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حاتم الرازي: " فإن قال قائل: الثبت من هو؟ أليس هو عطاء بن يسار؟ قيل له: لو كان عطاء بن يسار لم يكن عنه "، وقال ابن أبي حاتم: قلت لأبي زرعة: أليس الثبت هو عطاء؟ قال: " لا، لو كان عطاء ما كان يكني عنه " (٢).

وسأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث روي عن الأوزاعي عن إسماعيل بن عبيد الله عن يزيد بن الأصم عن ميمونة؟ فقال: " رواه بعض أصحاب الأوزاعي عن من سمع يزيد بن الأصم عن ميمونة " قال: " والذي يرويه الدمشقيون عن الأوزاعي عن من سمع يزيد بن الأصم أشبه؛ لأن الأوزاعي لو كان سمع من إسماعيل بن عبيد الله لم يكن عنه " (٣).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في " التقدمة " (ص: ٢٤٤) و " المراسيل " (ص: ٥) والخطيب في " الكفاية " (ص: ٥٥٠) وإسناده صحيح.
(٢) علل الحديث (رقم: ٦٤٢).
(٣) علل الحديث (رقم: ٢٤٥٠) .......

<<  <  ج: ص:  >  >>