للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإسناد الذي يقع فيه التدليس إسناد مرسل في ذلك المحل، لكنه صورة خاصة من الإرسال أو الانقطاع، فارقت معنى الإرسال والانقطاع المعروفين فيما يقع فيها من إيهام السماع فذلك بينٌ يسهل إدراكه بخلاف ما يظن أنه مسموع وليس كذلك.

قال الخطيب: " والتدليس يشتمل على ثلاثة أحوال تقتضي ذم المدلس وتوهينه:

فأحدها: إيهامه السماع من لم يسمع منه، وذلك مقارب الإخبار بالسماع ممن لم يسمع منه.

والثانية: عدوله عن الكشف إلى الاحتمال، وذلك خلاف موجب الورع والأمانة.

والثالثة: أن المدلس إنما لم يبين من بينه وبين من روى عنه؛ لعلمه بأنه لو ذكره لم يكن مرضيا مقبولاً عند أهل النقل؛ فلذلك عدل عن ذكره.

وفيه: أنه لا يذكر من بينه وبين من دلس عنه؛ طلباً لتوهيم علو الإسناد، والأنفة من الرواية عمن حدثه، وذلك خلاف موجب العدالة ومقتضى الديانة، من التواضع في طلب العلم، وترك الحمية في الإخبار بأخذ العلم عمن أخذه " (١).

ومما يبين كيف يقع التدليس في الإسناد: قول الأعمش: قال لي حبيب بن أبي ثابت: " لو أن رجلاً حدثني عنك بحديث ما باليت أن أرويه عنك " (٢). وربما أسقط المدلس أكثر من واسطة بينه وبين شيخه، كما قال أحمد بن حنبل وذكر المبارك بن فضالة: " كان يرسل [عن] الحسن "، قيل:


(١) الكفاية (ص: ٥١٠ _ ٥١١).
(٢) أخرجه الرامهرمزي في " المحدث الفاصل " (ص: ٤٥٥ _ ٤٥٦) بإسناد حَسنٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>