للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورواه جماعة عن محمد بن إسحاق صاحب السيرة، عن عاصم بن عمر، ولم يقل في شيء من الروايات: (حدثني عاصم).

وهذه متابعة لابن عجلان، هكذا أوهم ابن إسحاق بتدليسه، وكشفت رواية أخرجها الإمام أحمد (١) عن حقيقة ذلك قال فيها: حدثنا يزيد (وهو ابن هارون)، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، قال: أنبأنا ابن عجلان، عن عاصم، بباقي الإسناد به.

فعاد الحديث لابن عجلان، فتأمل كيف أوهم التدليس طريقاً جديداً للحديث، ولو كان ابن عجلان ضعيفاً وأسقط، وبقي في السند الثقات لأوهم القبول، وقد عهد ابن إسحاق بكثرة التدليس، وهو يدلس عن مجروحين.

الثالثة: معرفة قدر ما روى الراوي عن شيخه متصلاً، فإذا روى عنه غير ذلك علمنا أنه إنما تلقاه عنه بواسطة، فأسقطها.

لكن هذا الطريق يوجب تحريا ًشديداً قبل الجزم به.

فلو اعتمدت مثلاً قول يحيى بن سعيد القطان: " كان ابن جريج لا يصحح أنه سمع من الزهري شيئاً "، قال: " فجهدت به في حديث: إن ناساً من اليهود غزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسهم لهم. فلم يصحح أنه سمع من الزهري. ولم يسمع ابن جريج من مجاهد إلا حديثاً واحداً " (فطلقوهن في قبل عدتهن). ولم يسمع ابن جريج من ابن طاوس إلا حديثاً في محرم أصاب ذرات، قال: فيها قبضات من طعام. ولم يسمع الحجاج بن أرطاة من الشعبي إلا حديثاً: لا تجوز صدقة حتى تقبض " (٢).

فهذا لا يسلم على إطلاقه فيمن ذكر، ولا يصلح أن يبنى عليه بمجرده


(١) في " مُسنده " (٣/ ٤٦٥).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في " التقدمة " (ص: ٢٤٥) بإسناد صحيح إلى يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>