للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقبله؟ قال: " لا، والله، إني رأيته يحدث عن جماعة بالحديث الواحد، ولا يفصل كلام ذا من كلام ذا " (١).

قلت: فأحمد لينه لهذا الصنيع.

وكذلك كان من أسباب الطعن على (محمد بن عمر الواقدي)، حيث قال أحمد بن حنبل: " كنا نرى أن عنده كتباً من كتب الزهري أو كتب ابن أخي الزهري، فكان يحيل، وربما يجمع، يقول: فلان وفلان عن الزهري إخال حديث نبهان عن معمر. والحديث لم يروه معمر أيضاً، هو حديث يونس، حدثناه عبد الرزاق عن ابن المبارك عن يونس، كان يحيل الحديث ليس هذا من حديث معمر " (٢).

الصورة الثانية: أن يكون المتن عند راو بإسناد، إلا طرفاً منه فإنه عنده بإسناد آخر، فيرويه راو عنه تاما بالإسناد الأول.

ومن هذا ما رأيته وقع من بعض أهل الحديث، يجد خبراً ساقه محمد بن إسحاق في السير والمغازي، ذكر طرفاً منه مسنداً، ثم أدرج فيه شيئاً في ذلك الخبر ليس مما وقع له بنفس ذلك الإسناد، فيخرجه الراوي من طريق ابن إسحاق بالإدراج كالجزء من ذلك الحديث المسند، بل ربما فصل المدرج عن سياق الخبر المسند مركباً له على إسناده (٣).


(١) أخرجه الخطيب في " تاريخه " (١/ ٢٣٠) بإسناد لا بأس به، وابن سافري صدوق.
(٢) العلل (النص: ٥١٣٩) .......
(٣) كما يصلح له مثالاً الحديث الذي تعلق به طائفة من الفقهاء في مسألة مترتبةٍ على إسلام المرأة قبل زوجها، وهو ما جاء في قصة زينب ابنة النبي صلى الله عليه وسلم في شأنها مع زوجها أبي العاص بن الربيع فقال: " أي بُنية، أكرمي مثواه، ولا يخلصنَّ إليك، فإنك لا تحلين له "، وسياقه وعلته في كتابي " إسلام أحد الزوجين ومدى تأثيره على عقد النكاح ".
ومن مثاله أيضاً ما وقعَ لسعيد بن أبي مرْيم في روايته لحديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تَباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تَدابروا .. " الحديث، فأدرج فيه: " ولا تنافسوا "، وكان قد رواه كذلك بالإدراج عن مالك، وأخطأ فيه، دخلت عليه هذه اللفظة من حديث أبي هريرة، انظر بيانه في تعليقي على كتاب " المقنع في علوم الحديث " لابن الملقن (١/ ٢٣٠ _ ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>