للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة الثالثة: أن يكون عند الراوي متنان مختلفان كل منهما بإسناد يخصه، فيرويهما راو عنه بأحد الإسنادين، أي يدخل متن أحدهما على إسناد الآخر.

وهذه من صور دخول حديث في حديث، وشرحت مثالها في (النقد الخفي)، وهي غير الصور المتقدمة في (القلب).

الصورة الرابعة: أن يسوق الراوي الإسناد فيعرض له عارض، فيقول كلاماً من قبل نفسه فيظن بعض من سمعه أن ذلك الكلام هو متن الحديث فيرويه بذلك الإسناد.

ومثال هذا ما وقع لثابت بن موسى الزاهد، قال ابن حبان: " روى عن شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار "، وهذا قول شريك، قاله في عقب حديث الأعمش عن أبي سفيان عن جابر: (يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عقد)، فأدرج ثابت بن موسى في الخبر، وجعل قول شريك كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ثم سرق هذا من ثابت بن موسى جماعة ضعفاء وحدثوا به عن شريك " (١).

قلت: وهذا ضعف بين وغفلة ظاهرة، كانت من أسباب ضعف ثابت هذا في الحديث.

قال أبو الأصبغ محمد بن عبد الرحمن بن كامل (وكان ثقة): قلت لمحمد بن عبد الله بن نمير: ما تقول في ثابت بن موسى؟ قال: " شيخ له فضل وإسلام ودين وصلاح وعبادة "، قلت: ما تقول في حديث جابر: " من كثر صلاته بالليل؟ " فقال: " غلط من الشيخ، وأما غير ذلك فلا يتوهم عليه " (٢).


(١) المجروحين (١/ ٢٠٧)، وانظر: الإرشاد، للخليلي (١/ ١٧١)، انظر كذلك قصة ثابت هذا في " المدخل إلى الإكليل " للحاكم (ص: ٦٣) .......
(٢) أخرجه الحاكم في " المدخل إلى الإكليل " (ص: ٦٣) بإسناد صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>