للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكفره ولا ظلمه لأن الفسق بما يعتضد به من القرائن أعظم من الكفر والظلم، وقد حصل الجواب عما فرض السؤال عنه من تقدم وزاد إلى ذلك بيان الترقى المطرد وهو السؤال الأول وأما التفصيل فخطأ بين فأقول وأسأل الله توفيقه إن المفسرين قد أجمعوا على أن الوعد فى هذه الآى يتناول يهود وقد ثبت فى الصحيح إنكارهم الرجم مع ثبوته فى التوراة وفعلهم فيما نعى الله تعالى عليهم من مخالفة ما عهد إليهم فيه ونص فى كتابهم حسب ما أشار إليه قوله تعالى: "وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم " إلى قوله: "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض " إلى ما بعده وهذا كله من حكمهم بغير ما أنزل الله فهم الكافرون والظالمون والفاسقون ففيهم وبسبب مرتكبهم نزلت آيات المائدة ثم تقول مع ذلك أن الحكم إذا نزل بسبب خاص يمنع ذلك من دعوى العموم المنزل وهذا باتفاق من حذاق الأصوليين وقد رددوا التمثيل بشاة ميمونة وهذا مع عدم الفرائن.

أما فيما نحن بسبيله فى آيات المائدة فقد عضد العموم فى ذلك وغيرها موضع من الكتاب والسنة فنقول بناء على ذكرنا أن هذه الآية وان نزلت بسبب جعل اليهود ومرتكبهم فى الرجم وغيره فإن ذلك عام فى كل من حكم بغير ما أنزل إليه، ما لم يفعل ذلك جاهلا غير متعمد للمعصية أو عاصيا متعمدا مع صحة اعتقاده وسلامة إقراره بلسانه، فقد حصت الشريعة هذين.

وقد تعلقت الخوارج بعموم هذه الآى وأشباهها فى تكفيرهم مرتكب الكبيرة وليس شئ من ذلك نصا فى مطلوبهم وهو محجوبون بغيرها وإذا كانت هذه الآى على عمومها فيمن بينا، فمن فى المواضع الثلاثة شرطية وهى من المتفق عليه فى ألفاظ العموم عند أربابه وهم الجمهور وأما القول بتفصيل حكم "من " فى هذه الآى وانها من اجتماع المذكورين فى الآيات فيما تقدم من حكمهم بغير ما أنزل الله ووحدة السبب فى نزول الآيات فلا يصح بوجه فقصر السؤال على فصل ما بين الكفر والظلم دون الفسق كما ذكرنا عمن تعرض لهذه الآية من الجلة وجعله الآيتين الأوليين مما ورد فيه الانتقال من الأثقل إلى الأخف غير صواب والله أعلم.

واطراد ما تقدم من الترقى والانتقال فى الوعد والوعيد وتحكيم ما تقرر من ذلك هو الحق الذى لا ينبغى أن يعدل عنه ثم أقول وأسأل الله التوفيق إن هذه الآى جارية على المطرد فى الوعد والوعيد والانتقال فى الوصف بالكفر والظلم والفسق من أخف إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>