والبطء فكم بين قطع القمر الفلك فى ثمان وعشرين ليلة وقطع زحل إياه فى ست وثلاثين سنة جارية فى أفلاكها من غرب إلى شرق وقذف الفلك الأعظم بالكل من شرق إلى غرب على العكس "ذلك تقدير العزيز العليم " وياعرف هذا القسط مما ذكرنا يتحصل للمعتبر الاهتداء بها على الكمال فى ظلمات البر والبحر والعلم بعدد السنين والحساب والقلب فى كثير من هذا الضرب مورد على البصر فيما ينهيه إليه فصر هذا الضرب من المعتبرات الدالة على الصانع تعالى كالمخبر به الحاصل بواسطة من خارج فتناسب ذلك التعبير عن المتذكر به بالعلم الذى مواده ومحصلاته الخبر القاطع مع النظر السديد فقيل فى ختام هذه الآية: "لقوم يعلمون " وقيل ما معناه أن الوارد فى قوله تعالى: "إن الله فالق الحب والنوى " إلى قوله تعالى: "وهو الذى جعل لكم النجوم لتهتدوا بها فى ظلمات البر والبحر " آيات تنيه على معرفة الله تعالى والعلم به وبوحدانيته وهو أشرف معلوم، فأعقب بأشرف ما يوصف به المعتبرون فقيل:"لقوم يعلمون " وذلك أعلى من الوصف بقوله تعالى: "لقوم يفقهون "و: "لقوم يؤمنون " ولذلك ما ورد وصفه تعالى بالعلم ولا يوصف سبحانه بالفقه ولا العقل فلما كان المعلوم أشرف
المعلومات عبر عن الآيات التى نصبت للدلالة عليه باللفظ الأشرف انتهى وهو قول حسن والتناسب فيه واضح.
أما الآية الأخرى فتقدم قبلها قوله تعالى:"وهو الذى أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع " ومرجع العلم بنشأة الإنسان وتقلبه من صلب إلى رحم، وارتباط أعضائه الظاهرة والباطنة، وجمع أجزائه وتصرف كل عضو فى ما له خلق، واحتياج الأعضاء بعضها إلى بعضها وجرى ما وكل منها بغذاء الإنسان اجتذابا وانتحالا وطبخا وتقسيما وتجزئة على الأعضاء واتقان كل عضو منها زجرى لما يسر له، إلى غير ذلك هذا مما يبسطه من تكلم فى التشريع، فالعلم بهذا كله جملة وتفصيلا مما لا يحصل بالسمع والبصر وإنما يطلع بالاعتبار والتفكر من ذوى الفطن السالمة والنظر العقلى السديد والفهم المصيب، فناسب هذا قوله تعالى "لقوم يفقهون " والفقه التفهم والتفطن وذلك من جملة ألهم إليه وأشار قوله تعالى: "وفى أنفسكم أفلا تبصرون ".
وأما الآية الثالثة فإنه سبحانه لما ذكر إنزال الماء من السماء وإخراج النبات من الأرض به فى قوله سبحانه وتعالى: "وهو الذى أنزل من السماء ماء فأخرجنا منه نبات كل