شئ فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان "، فلما أورد هذا كان مذكرا بالبعث الأخراوى والنشأة الثانية كما قال تعالى فى آية الأعرف: "كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون " وإنما يحصل العلم بذلك وسائر أمور الآخرة من قبل الرسل عليهم الصلاة والسلام والإيمان بهم وبما جاؤوا به فقال تعالى: "إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون " أى يصدقون بالبعث وأنه تعالى كما بدأهم يعودون فقد وضحت مناسبة هذه الآيات الثلاث لما أعقب بها والله سبحانه أعلم.
الآية التاسعة عشرة: قوله تعالى: "والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه " وورد فيما بعد من هذه السورة: "والزيتون والرمان متشابها وغير زتشابه كلوا من ثمره وآتوا حقه يوم حصاده "، فورد فى الآية الأولى "مشتبها وغير متشابه " وفى الثانية: "متشابها "، وفى الأولى: "انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه "، وفى الثانية: "كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده "، يسأل عن المختلف فى الآيتين مع اتحاد مرماهما؟
والجواب عن الأول: أن مشتبها ومتشابها لا فرق بينهما إلا ما لا يعد فارقا إذ الافتعال والتفاعل متقاربان، أصولهما: الشين والباء والهاء من قوله أشبه هذا هذا إذا قاربه وماثله، ورد فى أولى الآيتين على أخف البناء وفى الثانية على أثقلهما رعيا للترتيب المتقرر وقد مر نحو هذا فى قوله: "فمن تبع هداى " وقوله "فمن اتبع " فى سورة طه.
والجواب عن الثانى: أن قوله تعالى فى الأولى: "انظروا إلى ثمره أذا أثمر وينعه " مبنى على ما قبله مما بناه على الاعتبار، قال تعالى: "إن الله فالق الحب والنوى .... " الآية، وقال تعالى: "فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا ... " الآية، وقوله: "وهو الذى جعل لكم النجوم لتهتدوا بها ... " الآية، ثم قال تعالى: "وهو الذى أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شئ وأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه "، فلما كان مبنى هذه الآى على الاعتبار والتنبيه بما نصب تعالى من الدلائل على وحدانيته لم يكن ليناسب ذلك ويلائمه إلا الأمر بالنظر والاعتبار لا الأمر