جعلكم خلائف فى الأرض " بقوله "فمن كفر فعليه كفره ... "الآيات، فلما اكتنف الآية ما ذكرته مما هو نقيض الوارد فى آية الأنعام ناسب ذلك التقييد بحرف الوعاء إذ لا يلائم البسط القبض فجاء كل على ما يجب ولا يناسب العكس والله سبحانه أعلم بما أراد.
الآية الحادية والثلاثون: قوله تعالى: "إن ربك سريع الحقاب وإنه لغفور رحيم "، وفى الأعراف: "إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم " للسائل أن يسأل عن اختصاص آية الأعراف بزيادة اللام المؤكدة فى الخبر وسقوطها من آية الأنعام؟
والجواب والله أعلم أن آية الأنعام لما تقدمها قوله تعالى: "قل إننى هدانى ربى إلى صراط مستقيم " ثم استمر ما بعد على خطابه صلى الله عليه وسلم لما منحه الله تعالى إلى قوله: "وهو الذى جعلكم خلائف الأرض ... " الآية، فهذا له صلى الله عليه وسلم ولأمته فجاء الخبر من قوله: "إن ربك سريع العقاب " بغير لام التأكيد مناسبا للحال إذ هؤلاء المذكورون ليسوا بجملتهم ممن استحق عقابا، ومن عوقب من أهل القبلة فعقابه منقطع بفضل الله فلا حامل على التأكيد لأن ذكر العقاب هنا تخويف يحمل المؤمن على استحاب الرغب والرهب وما ينبغى للمؤمن أن يكون عليه.
وأما آية الأعراف فقد ورد قبلها قوله تعالى: "وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب " وقد تقدم ذكر المقصودين بهذا الوعيد وذكر مرتكباتهم السيئات فتخلصت الآية للمستحقين العقاب بمجترحاتهم المفصحة بكفرهم فناسب تأكيد الخبر المنبئ بعقابهم وسوء مآلهم وجاء كل على كما يجب ويناسب.