موضع "حم عسق " ولا العكس ولا "حم " فى موضع "طس " ولا العكس ولا "المر " فى موضع "الم " ولا عكس ذلك، ولا "المر " فى موضع "المص " بجعل الصاد فى موضع الراء ولا العكس فقد بان وجه اختصاص كل سورة بما به افتتحت، وأنه لا يناسب سورة منها ما افتتح غيرها، والله أعلم بما أراد.
الآية الثانية:
قوله تعالى:"ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين " فوصفه سبحانه بكونه هدى للمتقين وقال تعالى فى وصف التوراة والإنجيل فى أول سورة آل عمران: "وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس " ولم يقل هنا هدى للمتقين فللسائل أن يسأل عن الفرق الموجب اختصاص كل من الموضعين بما ورد فيه وهل كان يحسن ورود الناس فى موضع المتقين وورود المتقين فى موضع الناس؟
والجواب: أن الملائم المناسب ما ورد وأن عكسه غير ملائم ولا مناسب ووجه ذلك أن الكتاب المشار إليه هو الكتاب العزيز على ما فى مآخذ المفسرين من التفصيل وهو مما خصت به هذه الأمة، والتوراة كتاب موسى عليه السلام لبنى إسرائيل والإنجيل كتاب عيسى عليه السلام ولأمة محمد صلى الله عليه وسلم الفضل المعلوم فأشير بالمتقين إلى حال المخصوصين به، وقيل فى الآخرين: هدى للناس ليشعر بحال أهل الكتابين وفضل أهل الكتاب العزيز عليهم فلا يلائم كل موضع إلا بما ورد فيه.
فإن قيل: إنما صح لهم الوصف بالتقوى بعد اهتدائهم بالكتاب وتصديقهم به والتزامهم ما تضمنه.
قلت: لحظ فى ذلك الغاية فهو من باب التسمية بالمآل وهو باب واسع ومنه: "إنى أرانى أعصر خمرا " وإذا تقرر ما ذكرناه فعكس الوارد غير ملائم، والله أعلم بما أراد.
الآية الثالثة: قوله تعالى: "يخادعون الله والذين ءآمنوا وما يخدعون الا أنفسهم وما يشعرون " وقال بعد: "ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يشعرون ".
ثم قال بعد:"ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون " فنفى عنهم هنا العلم وفى الآيتين قبل الشعور فيسأل عن الفرق الموجب لهذا التخصيص.
والجواب عن ذلك: إن الشعور راجع إلى معنى الإحساس مأخوذ من الشعار وهو ما يلى الجسد ويباشره فيدرك ويحس من غير افتقار إلى فكر أو تدبر، فيشترك فى مثل