للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سورة النمل: " وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٥) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (٥٧) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (٥٨) " وقال فى سورة العنكبوت: " وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (٢٨) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٩) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (٣٠) ".

قلت: قد تقدم البيان أن اختلاف مقالات الأنبياء لأممهم إنما هو لاختلاف مقاماتهم إذ ليس دعاؤهم إياهم فى موقف واحد زلا لقوم مخصوصين بل يدعوا النبى طوائف من قومه فى أوقات مختلفة ومواطن شتى وقد يكون للطائفة منهم خصوص مرتكب فيراعى نبيهم ذلك فى دعائهم وقد يخاطب ملأهم الأعظم فى مواطن والفئة القليلة منهم فى موطن آخر وربما أطال فى موطن وأوجز فى موطن وذلك بحسب ما يرونه عليهم السلام أجدى وأنفع ولا اختلاف مجاوبة أممهم لهم، فهذا مما لا يحتاج إلى سؤال عنه وقد مر ذكر بيان ذلك وإنما يبقى السؤال عن وجه خصوص كل سورة بما خصت به من ذلك؟ وإذا أجبنا عن ذلك وأبدينا بحول الله المناسبة والالتحام حتى يتبين أن كلا من ذلك لا يصلح تأخيره عن الموضع الذى ورد فيه تعويضا بالوارد فى غير ذلك الموضع منه لم يبق فى هذه الآيات ما يشكل والحمد لله.

وفى قصة لوط عليه السلام سبع سؤالات أولها: قوله فى مطلع الآيات فى الأعراف والنمل: "أتأتون الفاحشة " وقال فى سورة العنكبوت: "أئنكم لتأتون الفاحشة " وثانيها: وصف حالهم فى مرتكبهم فى الأعراف والعنكبوت بقوله: "ما سبقكم بها من أحد من العالمين " وفى سورة النمل: "وأنتم تبصرون ".

والجواب عن هذين السؤالين: أن قوله فى الأعراف والنمل: "أتأتون الفاحشة " الهمزة فيها للاستفهام المقصود به الانكار والتعظيم فى توبيخهم على الفاحشة الشنعاء التى لم يأتها غيرهم ولما كان قد تقدم فى الأعراف من ذكر الأمم المكذبين ذكر قوم نوح وهود وصالح وذكرت مرتكباتهم السيئة من معاندتهم للرسل وتكذيبهم وسوء

<<  <  ج: ص:  >  >>