المقدر إذ التقدير دأبهم أو دأب هؤلاء أو هذا كدأب آل فرعون وما قدر الناس من التعلق بقوله: وأولئك هم وقود النار أو غير هذا من التقدير لا يرجح عند الاختبار ويضعف تقدير ذلك فى ثانية الأنفال ويتكلف فى الأولى منها ولا يحسن معه المعنى ولا يفوز وفى استقلال الجملة من قوله "كدأب آل فرعون " وعدم التعلق الإعرابى بما قبله فى جملة أخرى جزالة النظم وقوة المعنى فتأمله.
الآية الثالثة: قوله تعالى: "تولج الليل فى النهار وتولج النهار فى الليل وتخرج الحى من الميت وتخرج الميت من الحى "، وكذلك فى سورة يونس:"أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى "، وكذا فى سورة الروم وحيث وقع ورود فى سورة الأنعام:"إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحى من الميت ومخرج الميت من الحى " فوقع هنا اسم الفاعل موقع الفعل وعاقبه فقال "ومخرج "فيسأل عن هذا؟
ووجه ذلك والله أعلم: أن بناء آية الأنعام على آية بنيت على اسم الفاعل وان كان خبرا وهو قوله تعالى: "إن الله فالق الحب والنوى " ثم أعقب ذلك بقوله "فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا "، فلما اكتنفت الآية أسماء فاعلين جئ فيها باسم الفاعل فى قوله "ومخرج الميت من الحى " ليناسب ذلك فعطف "ومخرج " على "فالق " إذ هو معطوف على ما عطف عليه فهو معطوف عليه ثم جئ بعد باسم فاعل وهو قوله تعالى: "فالق الإصباح " فتناسب هذا ولم يقع فى الأخر المتضمنة إخراج الحى من الميت والميت من الحى مثل هذا فلذلك لم يعدل إلى اسم الفعل والله سبحانه أعلم.
فإن قلت فما بال قوله يخرج الحى من الميت فى هذا الموضع ورد بالفعل وقد اكتنفه قوله:"فالق الحب والنوى ومخرج الميت من الحى ".
وهما اسما فاعلين؟
فالجواب عن ذلك ما قاله الزمخشرى قال:"موقع قوله "يخرج الحى من الميت " موقع الجملة المبينة لقوله "فالق الحب والنوى " لأن فلق الحب والنوى بالنبات والثمر اليابس من جنس إخراج الحى من الميت لأن اليابس فى حكم الحيوان ألا ترى قوله "يحيى الأرض بعد موتها "، انتهى قوله، ذكر هذا عقب قوله "ومخرج الميت من الحى " أنه معطوف على فالق الحب والنوى كما تقدم وهذا من حسناته.
الآية الرابعة: قوله تعالى: "ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير " ث