بقوله "بآيات ربهم " فهو المحسن والمالك ثم جرى القدر بما سبق لهم فإيراد قوله "كذبوا بآيات ربهم " مع ما تقدم أوقع فى نفوسهم وأشد فى تحسرهم وندامتهم إذا شاهدوا الأمر فعلموا أنه مالكهم وأنه ابتدأهم بالنعم فغيروا فحصل من ذلك أنهم قابلوا نعم ربهم بالكفر مع بيان الأمر ووضوحه ولو قيل: بآيات الله لما أحرز هذا المعنى المعرف بملكيته لهم والمشير لندامتهم وتحسرهم ولا خفاء بالفرق بين قول القائل لمن كفر بنعمة الله: إنما كفرت بنعمة مالك المحسن إليك ومبتديك بالنعم وبين أن لو قيل له: إنما كفرت بنعمة الله فتأمل ما بينهما ولهذا ابتدئ دعاء الخلق فى سورة البقرة إلى الإيمان بقوله: "يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذى خلقكم " إلى آخر الآية.
والجواب عن السؤال الثالث: أنه قصد فى الآية الثانية من الأنفال تفصيل عقابهم بإغراق آل فرعون وأخذ من عداهم بغير ذلك وقال "فأهلكناهم بذنوبهم " ليخالف قوله تعالى فى الآية قبل: "فأخذهم الله بذنوبهم " لاسثقال لفظ التكرار فيما تقارب ولما قصد من التفصيل وقد ضم الفريقين من المهلكين بذنوبهم والمغرقين فى قوله: "وكل كانوا ظالمين ".
وعن الرابع أن قوله تعالى فى الآية الأولى من الأنفال:"إن الله قوى شديد العقاب " مقابل به قول الشيطان لمن قدم ذكره من الكفار: "لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى جار لكم " فقوبل قوله المضمحل بإسناد القوة لله ـ عز وجل ـ كما قال تعالى: "ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا ..
الآية "، ولما لم يرد فى سورة آل عمران مثل هذا وقع الاكتفاء بقوله "والله شديد العقاب " وزيد التأكيد فى أول الأنفال بـ "إن " وزيادة اسمه سبحانه القوى لما ذكرنا آنفا من رعى التقابل.
والجواب عن السؤال الخامس ما قيل فى الجواب عن السؤال الثالث من قصد التفصيل ثم إن الوجه فى تخصيص هذا الموضع بذلك أنه آخر موضع وقع التذكير فيه بعبادة آل فرعون فى تكذيبهم وأخذهم بكفرهم والترتيب الذى استقر عليه الكتاب العزيز متوقف على الآتى به صلى الله عليه وسلم وقد بينا ذلك فى غير هذا وأن من ظن أن الترتيب من قبل الصحابة فقد غفل وذهب عما بنى عليه من جليل الاعتبار وسنذكر ذلك فى سورة القمر إن شاء الله.
والجواب عن السؤال السادس: أن الكاف متعلقة بمحذوف هو الخبر للمبتدأ