للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرّجت على الشيء بالتثقيل: أي ما وقفت عنده، وعرّجت عنه: عدَلتُ عنه، وتركته. قاله في "المصباح". (مِنَ النَّاسِ) بيان لمن (عَلَى مَا وَصَفْنَا) متعلّق بيعرّج (مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الضِّعَافِ) "من" بيان لما. وعطف قوله: (وَالْأَسَانِيدِ الْمَجْهُولَةِ) على ما قبله؛ إيذانًا بأن ضعف أحدهما لا يستلزم ضعف الآخر، فقد يكون المتن صحيحًا، والسند ضعيفًا، وبالعكس. ويحتمل أن يكون من عطف الخاصّ على العامّ، بجعل الحديث شاملًا للسند والمتن.

و"الأسانيد" بفتح الهمزة: جمع سند بفتحتين (١)، وهو طريق المتن. (وَيَعْتَدُّ) بفتح أوله، من الاعتداد، يقال: اعتددت بالشيء على افتعلت: أي أدخلته في العدّ والحساب، فهو مُعتدّ به: محسوب، غير ساقط. قاله في "المصباح" (بِرِوَايَتِهَا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِمَا فِيهَا مِنَ التَّوَهُّنِ، وَالضَّعْفِ) -بضم الضاد، وفتحها، وعطفه على ما قبله عطف تفسير؛ لأن التوهّن هو الضعف، ولعلّ جعله من باب التفعّل للتكثير (إِلَّا أَنَّ الَّذِي يَحْمِلُهُ) بفتح أوله، وكسر الميم: أي يُغريه، ويبعثه، يقال: حمله على الأمر يحمله، من باب ضرب: أغراه به. قاله في "القاموس" (عَلَى رِوَايَتِهَا، وَالِاعْتِدَادِ بِهَا، إِرَادَةُ التَّكَثُّرِ) أي كثرة الأحاديث (بِذَلِكَ) أي بما ذكر من الأحاديث الضعاف (عِنْدَ الْعَوَامِّ) تقدّم تفسيرهم قريبًا (وَلأَنْ) بكسر اللام، وهي جارّة، "أن" مصدريّة، والظاهر أن اللام زائدة، والمصدر المؤوّل معطوف على "التكثّر": أي وإلا إرادة القول الخ (يُقَالَ: مَا أَكْثَرَ مَا جَمَعَ فُلَانٌ مِنَ الْحَدِيثِ) "ما" الأولى تعجبية، مبتدأ، و"أكثر" فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر وجوبا عائد على "ما"، والجملة خبر المبتدإ، و"ما" الثانية موصولة مفعول "أكثر" (وَأَلَّفَ) من التأليف، وهو أخصّ من الجمع؛ لأنه يحتاج إلى النظر في تناسب الأشياء، بخلاف الجمع، فإنه أعم من ذلك. وقوله: (مِنَ الْعَدَدِ) بيان لما جمع، وهو بمعنى المعدود: أي المعدود من الأحاديث الكثير.

(وَمَنْ ذَهَبَ فِي الْعِلْمِ هَذَا الْمَذْهَبَ) أي قصد هذا القصد، يقال: ذهب مذهب فلان: إذا قصد قصده وطريقته. قاله الفيّوميّ. وعلى هذا فعطف قوله: (وَسَلَكَ هَذَا الطَّرِيقَ) من عطف التفسير على المفسّر (فَلَا نَصِيبَ لَهُ فِيهِ) أي لا حظّ له في العلم. قال الفيّوميّ: النصيب: الْحِصّة، والجمع أَنْصِبةٌ، وأَنصباء، ونُصُبٌ بضمتين. انتهى.

والمعنى: أن من سلك هذا المسلك في جمعه للعلم لا يحصل له شيء مما أُعدّ لأهل العلم، من الفضل، والشرف في الدنيا والآخرة، قال الله عز وجل: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ


(١) انظر "المعجم الوسيط" ١/ ٤٥٤. ولعل هذا اصطلاح لأهل الحديث، وإلا فما أثبت أهل اللغة للسند جمعًا إلا الأسناد بفتح، فسكون، فليُحرّر. والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>