للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} الآية [المجادلة: ١١] الآية. وأخرج الشيخان عن معاوية -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من يرد الله به خيرًا يفقّهه في الدين". وأخرج مسلم وغيره من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من نَفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحَفّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بَطّأ به عمله لم يُسْرِع به نسبه".

وأخرج أبو داود، والترمذيّ، وابن ماجه، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من سلك طريقا، يبتغي فيه علمًا، سلك الله به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها، رضاء لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات، ومن في الأرض، حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد، كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، إنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر" (١).

وعن صفوان بن عسّال المراديّ -رضي الله عنه- قال: أتيت النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهو في المسجد متّكىء على بُرد له أحمر، فقلت له: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إني جئت أطلب العلم، فقال: "مرحبًا بطالب العلم، إن طالب العلم تحُفّه الملائكة وتُظلّه بأجنحتها، ثم يركب بعضهم بعضًا، حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبّتهم لما يطلُب". أخرجه أحمد، والطبراني بسند جيّد، واللفظ له، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.

فهذا الفضل العظيم لا يحصل لمن سلك المسلك المذكور، بل خسر الدنيا والآخرة، فقد أخرج أبو داود، وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، وقال: "صحيح على شرط الشيخين" عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من تعلم علما مما يُبتَغَى به وجه الله عز وجل، لا يتعلمه إلا ليُصِيب به عَرَضًا من الدنيا، لم يَجِد عَرْفَ الجنة يوم القيامة" -يعني ريحها-.

وأخرج مسلم وغيره عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يقول: "إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأتي به، فعَرّفه نعمه فعرفها، قال:


(١) الحديث قال الترمذي: ليس عندي بمتصل، ولكن الألباني حسّنه لغيره، انظر "صحيح الترغيب والترهيب" ١/ ١٣٨ - ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>