للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (١١)]

قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} [الزمر: ١١].

ثم قال تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} قوله: {قُلْ} يعني: يا محمد.

قوله: {إِنِّي أُمِرْتُ} أي: أمرني ربِّي، وهذه الصيغة تأتي بالبناء للمَجْهول؛ لأنَّ الفاعل معلومٌ، وهذا يُشْبِهُ حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أنَّ الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ" (١)؛ (أُمِرْتُ) لأنَّ الآمِرَ معلومٌ، وهو الله.

فقوله: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}، وجاءت بكلمة {أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ} للإشارة إلى مقامِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه عَبْدٌ يُؤْمَر ويُنْهَى، وليس له من حَقِّ الربوبِيَّة شَيءٌ.

وقوله: {أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ} أي: أتذَلَّلَ له، والعبادة تطلق على مَعْنيينِ:

المعنى الأول: التَّذَلُّل لله الذي هو فِعْل العابِدِ.

والمعنى الثاني: المُتَعَبَّد به، وهي العبادات على جميع أنواعها، وعلى هذا المعنى يكون تعريفُ شيخِ الإسلام ابن تَيْمِيَةَ العبادةَ في قوله: "العبادةُ اسْمٌ جامِعٌ لكلِّ ما


(١) أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب لا يكف ثوبه في الصلاة، رقم (٨١٦)، ومسلم: كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر والثوب، رقم (٤٩٠)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>