للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شَيْءٍ وَكِيلٌ} قال رَحِمَهُ اللهُ: [مُتصرِّفٌ فيه كيف يَشاء]، ولو قال: {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} أي: حفيظًا عليه مُدبِّرٌ له، لكان أعَمَّ؛ لأن الوكيل في اللغة هو الذي وُكِل إليه الشيء حِفْظًا وتَدبيرًا، والله عَزَّ وَجَلَّ على كل شيء وكيل حِفْظًا وتدبيرًا، وهنا لا يُقال: كيف كان وَكيلًا؟ ومَن الذي وكَّله؟ ونَقول: إذا كان الوكيل بمَعنَى: الحفيظ المُدبِّر فلا حاجةَ إلى استِحْفاظ، بل هو الذي تَولَّى ذلك بنَفْسه.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: عُموم خَلْق الله عَزَّ وَجَلَّ لكل شيء؛ لقوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: الرَّدُّ على القدَرية الذين قالوا: إن الإنسان خالِقُ أَفعالَه؛ ووجه ذلك: أن أَفعَال العِباد داخِلة في العُموم، فهي شيء من الأشياء، فتكون داخِلةً في العُموم.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن الله تعالى خالِقٌ للأعيان والأَوْصاف؛ لأن الأعيان شيء يَعنِي: تُسمَّى شيئًا، والأوصاف تُسمَّى أيضًا شيئًا.

فإن قال قائِل: إن القُرآن مَخْلوق؛ لقوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}، والقرآن شيء، وأن الله تعالى مَخلوق؛ لأنه شيء، قال الله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} [الأنعام: ١٩]، فما تَقولون في ذلك؟

الجَوابُ: نَقول: هذا ليس بصحيح، أمَّا كون الله تعالى مَخلوقًا فقد تَقدَّم قبل قليل، وهو: ضرورةُ أن الفاعِل ليس هو المَفعولَ، هذا واحِد.

وأمَّا أنَّ القرآن غير مَخْلوق؛ فلأنَّ القُرآن وصفُ الله عَزَّ وَجَلَّ، والربُّ بصِفاته

<<  <   >  >>