للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٤١)]

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} [الزمر: ٤١].

ثُمَّ قال تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ} تَأمَّل {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ}، وفي بعض الآيات: {أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ} فهَلِ الحَرْفان بمَعنًى واحِد أو هُما يَختَلِفان؟

الجَوابُ: الأصل فيما اختَلَف لَفظُه أن يَختَلِف مَعناه هذا الأصلُ؛ لأن اللَّفْظ للمَعاني بمَنزِلة الثَّوْب للأجسام، فإذا وجَدْنا لَفْظين تَعدِيَتُهما واحِدة، لكنَّهما مُختَلِفان لفظًا، فالأصل اختِلافهما معنًى، فقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ} يُفيد أن غاية الإنزال إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يَتَجاوَزه إلى غيره.

وقوله تعالى: {عَلَيْكَ} تُفيد أن الإنزال على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حتى تَشَرَّبه كأنه نزَل في نَفْس الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ ألم تَقرَأ قول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ} [الشعراء: ١٩٣، ١٩٤]، ولم يَقُل: إلى قَلْبك هذا هو الفَرْق.

وقوله تعالى: {عَلَيْكَ الْكِتَابَ} الكتاب هنا هو القُرآن الكريم، وسُمِّي كِتابًا؛ لأنه مَكتوب في اللَّوْح المَحفوظ، وفي الصُّحُف التي بأَيْدي الملائِكة، وفي الصُّحُف التي بأَيْدينا، وعلى هذا فيَكون فِعَال بمَعنَى: مَفعول، وهذا الوزنُ أَعنِي: فِعالًا بمَعنى: مَفعول يَأتي كثيرًا في اللغة العربية، ومنه فِراش بمَعنى مَفروش، وكِساء

<<  <   >  >>