ثم قال تعالى:{هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ}: {هُوَ اللَّهُ} ولو كان له ولَدٌ لشاركه في الأُلوهِيَّة، والأُلوهِيَّة ليست إلا له الواحِد؛ ولو كان له ولد لكان اثنين؛ لأنَّه لا بدَّ أن يكون الوَلَدُ مماثِلًا لوالِدِه، والله واحِدٌ لا ثانِيَ له عَزَّ وَجَلَّ.
{الْقَهَّارُ} القهَّار صيغَةُ مبالَغَة، وصيغة نِسْبَة؛ أي: إنَّه ذو القَهْر الدَّائم المتكَرِّر، فكم من ذي جبروتٍ قَهَرَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ، ما أكثر الرجالَ والأُممَ ذوات الجبروت التي قهرها الله عَزَّ وَجَلَّ!
[من فوائد الآية الكريمة]
الْفَائِدَة الأُولَى: بيان كمال سُلطانِ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وأنَّه لو أراد شيئًا لم يَمْتَنع عليه؛ لقوله:{لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}.
ومن وجه آخر: أنَّ فيه ردًّا لاقتراحهم أو دعواهم بأنَّ الملائِكَة بنات الله أو المسيحَ أو عُزَيْرًا، فيقول: لو أراد الله أن يتَّخِذَ ولدًا لاصطفى ما يشاء دون أن يتَّخِذ ما ادَّعَوْه.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إثبات إرادة الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لقوله:{لَوْ أَرَادَ اللَّهُ} وإرادة الله في فِعْله متَّفَقٌ عليها، لا نظُنُّ أنَّ أحدًا يخالف في أنَّ الله تعالى يريد فِعْله، ولكن هل تتعدَّى إلى فعل المخلوقِ أو لا؟
في هذا خلافٌ بين أهل السُّنَّة وأهل البِدْعة، فمنهم من قال: إنَّها تتعدَّى إلى فعل المخلوق وغالى في ذلك، وقال: إنَّ المخلوقَ ليس له إرادةٌ، وهذا قول الجَهْمِيَّة الجَبْرِيَّة.
ومنهم مَن قال: إنَّها تتعدَّى إلى فِعل المخلوق، لكنْ لا على سبيل الجَبْر، وهذا