للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٦٩)]

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الزمر: ٦٩].

قوله تعالى: {وَأَشْرَقَتِ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [أَضاءَت]، ومنه: أَشرَقتِ الشمسُ، إذا انتَشَر ضَوؤُها، وشرَقَتْ إذا برَزَت، ويُقال: شرَقَتِ الشمسُ. إذا ظهَرَتْ على الأفُق، وأَشرَقَت، إذا ارتَفَعَت أو استَطار ضَوْؤُها؛ ولهذا تُسمَّى الصلاة التي بعد ارتِفاعها قِيدَ رُمْح تُسمَّى: (صلاةَ الإِشْراق) لا صلاةَ الشُّروق، إذِ الشُّروق ظُهور الشمس في الأُفُق، والإشراق ارتِفاعها واتِّساع ضَوْئِها.

وهنا يَقول تعالى: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} بنور الله تعالى الذي هو نوره، وليس بنور المَخلوق، فإضافة النور إلى الربِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من باب إضافة الصِّفة إلى مَوْصوفها، أي: أن الله جَلَّ وَعَلَا يُنير الأرض بنُوره؛ يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{بِنُورِ رَبِّهَا} حين يَتجَلَّى] أي: يَظهَر [لفَصْل القَضاء]، فيَأتي عَزَّ وَجَلَّ للقَضاء بين العِباد.

فإن قال قائِل: إنه نورٌ مَخلوق، وأَضافه الله تعالى إلى نَفْسه إضافةَ مَخلوق إلى خالِقه مثل قوله تعالى: {فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [الشمس: ١٣]، وبيت الله؟

فالجَوابُ: أن هذا خِلاف الظاهِر، فالله تعالى يَقول: {بِنُورِ رَبِّهَا}، والله تعالى له نور، يَقول تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} فكل إنسان يُحرَّف الكلِم عن

<<  <   >  >>