الْفَائِدَة الأُولَى: الثَّناء على الله عَزَّ وَجَلَّ بالكَمال والإِفْضال؛ لقوله تعالى:{الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} فإن صِدْق الوَعْد كَمال، ثُمَّ إن إِيراثَهم الجَنَّة إِفْضال، فجمَعوا في هذا بين الحَمْد على الكَمال والحَمْد على الإِفْضال؛ لأن الله تعالى يُحمَد على الأمرَيْن جميعًا، على كَماله وعلى إِفْضاله، فيَكون هذا جامِعًا بين الحمد والشُّكْر.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: صِدْق اللهِ تعالى وَعْدَه؛ لقوله تعالى:{الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ}، وقد أَخبَر الله تعالى في آيات مُتعَدِّدة أنه لا يُخلِف الميعاد، وذلك لكَمال صِدْقه وكَمال قُدْرته، فإن إِخْلاف الوَعْد إمَّا أن يَكون لكَذِب الوَعْد، وإمَّا أن يَكون لعَجْز الواعِد، وكلاهما ممَّا يُنزَّه الله تعالى عنه؛ فيَكون فيه كَمال الصِّدْق وكَمال القُدْرة.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: شُكْر أهل الجَنَّة على إِيراثِهم الأرضَ ونَصرِهم وظُهورهم على الكافِرين؛ لقوله تعالى:{وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ}.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن الإنسان يَتَبوَّأ بنَفْسه من الجَنَّة حيث يَشاءُ وذلك بعمَله؛ لقوله تعالى:{نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ}.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: الرَّدُّ على الجَبْرية الذين يَقولون: إن الإنسان مُجبَر على عمَله وليس فيه اختِيار، وذلك لقوله تعالى:{نَتَبَوَّأ} فإن الفِعْل هنا ظاهِر بنِسْبته إليهم فيَكون باختِيارهم؛ ففيه: إِثبات المَشيئة للعَبْد.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن أهل الجَنَّة في مَنازِلهم لا يُريدون غيرها؛ لقوله تعالى:{حَيْثُ نَشَاءُ}، وهذا من تَمام النعيم؛ لأن الإنسان لو تَطلَّع إلى مَنازِل غيره لرَأَى أنه لم يُكمَل له النَّعيم، يَقول مثَلًا: فلان أَحسَنُ مِنِّي قِصَرًا، فلان أكثَرُ منِّي مالًا. فيَتَنَغَّص