قوله تعالى:{وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ}: (تَرَى) تَرَى أيُّها المُخاطَب، ويُحتَمَل أن المُراد به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن القول الأوَّلَ أَوْلى؛ لأنَّ القول الأوَّلَ يَشمَل القولَ الثانِيَ ولا عكسَ، فإنك لو قُلتَ: وتَرَى يا مُحمَّدُ. حجَبْت هذا الخِطابَ عن بقية الأُمَّة، وإذا قُلت: وتَرَى أيُّها المُخاطَب صار عامًّا للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ولغيرِه من الأُمَّة.
والقاعِدةُ: أنه إذا دار اللَّفْظ بين مَعنًى عامٍّ ومَعنًى خاصٍّ فإنَّه يُحمَل على المَعنَى العامِّ؛ لأنك إذا حمَلته على المَعنَى العامِّ دخَل فيه الخاصُّ ولا عكسَ.
وقوله:{الْمَلَائِكَةَ} جَمعُ ملَك، والمَلَك في الأصل هو الرَّسول، والمَلائِكة جعَلهم الله تعالى رُسُلًا، وهم عالَم الغَيْب قائِمون بأَمْر الله عَزَّ وَجَلَّ، مَخلوقون من نور؛ ولهذا ليس فيهم مَعْصية؛ لأنهم خُلِقوا من نور.
والجِنُّ خُلِقوا من النار؛ ولهذا كان الأصل أنه ليس فيهم طاعة، فإن أَباهم وزعيمهم استَكبَر من أمر الله تعالى الذي خاطَبَه به مُشافَهةً.
قوله تعالى:{الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ} يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [حال]، وإنما جعَلها حالًا؛ لأن الرُّؤْية هنا بصَرية، والرؤية البصَرية لا تَنصِب إلَّا مَفعولًا واحِدًا، فما