قوله تعالى:{مَا} نافية، و {قَدَرُوا} بمَعنَى: عظَّموا، ولَفْظ الجلالة مَفعول لـ (قَدَروا)، و {حَقَّ قَدْرِهِ} مَفعولٌ مُطلَق؛ لأنه أُضيف إلى المَصدَر، والمُضاف إلى المَصدَر يُسمَّى مَفعولًا مُطلَقًا؛ لأنه بمَنزِلة المَصدَر، وعلى هذا فنَقول:{حَقَّ قَدْرِهِ} أي: حقَّ تَعظيمه.
قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ:[ما عرَفوه حَقَّ مَعرِفته، أو ما عظَّموه حقَّ عظَمَته حين أَشرَكوا به غيرَه]، والصَّواب: الثاني: أن المَعنَى: ما عظَّموه حقَّ عظَمته حين أَشرَكوا به غيره، لأن من عَظَّم الله تعالى حقَّ تَعظيمه لا يُمكِن أن يُشرِك به أحَدًا.
ودليلُ ذلك: أن هؤلاءِ عرَفوا الله تعالى كما في قوله تعالى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[الزخرف: ٨٧]، وقوله تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[الزمر: ٣٨]، لكن لم يُعظِّموا مَن عرَفوه حقَّ تَعظيمه، وهذا هو الذي نَفاه الله تعالى هنا.
ثُمَّ قال تعالى:{وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الواو للحال، ويَجوز أن تَكون استِئْنافية؛ لبيان عظَمة الله تعالى.