للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُرادًا به الإثباتُ، ومنه قول الشاعِر:

أَلَيْسَ اللَّيْلُ يَجْمَعُ أُمَّ عَمْرٍو ... وَإِيَّانَا فَذَاكَ لنَا تَدَانِي

نَعَمْ وَتَرَى الهلَالَ كَمَا أَرَاهُ ... وَيَعْلُوهَا النَّهَارُ كَمَا عَلَانِي (١)

لو قال قائِل: لعَلَّ هذه ضرورةٌ؟

قُلنا: لا، لأنه لو أَتَى بـ (بلى) بدَلَ (نعَمِ) استَقام البيتُ، فإن الشاعِر لو قال: بلَى وَترَى الهِلال كما أَراه. استَقام البيتُ.

وعلى كل حال: المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ أَجاب بـ (بَلى) أي: لإِثْبات ما ذكَر أن في جَهَنَّم مَثوًى للكافِرين.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: أنه لا أحَدَ أَظلَمُ ممَّن كذَب على الله تعالى وكذَّب بالصِّدْق؛ لجَمْعه بين سَيَّئَتَيْن:

السَّيِّئة الأُولى: الكذِب على الغير.

والسَّيِّئة الثانية: تَكذيب الغَيرِ الصادِق.

فإنِ انفَرَد أحدُهما فهل يَستَحِقُّ هذا الوَصفَ أن يَكون أَظلَمَ الناس لو كذَب على الله تعالى وصدَّق بالصِّدْق؟ هل يَستَحِقُّ هذا الوَصْفَ؟

الجَوابُ: لا، لأن الوَصْف أو الحُكْم المُرتَّب على مَجموع صِفات لا يَثبُت إلَّا بثُبوتها، ولكن مع ذلك إذا تَفرَّقتِ الأَوْصاف فله نصيبٌ من هذا الوَصفِ،


(١) البيتان من شعر جحدر العُكْلي، انظر: الأمالي للقالي (١/ ٢٨٢)، وخزانة الأدب (١١/ ٢٠٩).

<<  <   >  >>