في مَقام الإِضْمار له فَوائِدُ ذكَرْناها سابِقًا منها:
١ - العُموم، وهذا يَعنِي: أن مَثوًى له ولغَيْره من الكافِرين.
٢ - تَسجيل الوَصْف على هَؤلاء بأنهم كُفَّار، يَعنِي: إثبات أن هؤلاءِ كفَّار.
٣ - إفادة التَّعليل؛ لأنه لو قال: أَليْس في جَهنَّمَ مَثوًى له. لم نَستَفِد ما هي العِلَّةُ في أن مَثواه جهنَّمَ، لكن إذا قال تعالى:{أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ} عرَفْنا أن العِلَّة كُفْرهم؛ ففيه بَيان العِلَّة.
فصار الإظهار في مَوضِع الإضمار له ثلاث فوائِدَ هنا.
وكلِمة:{جَهَنَّمَ} قيل: إنها من الأسماء المُعرَّبة، وأَصلُها في اللغة الفارِسية (كَهنام). وقيل: إنها اسْمٌ عرَبيٌّ، وأنها مَأخوذة من الجهمة، يَعنِي: الظُّلْمة والنار؛ لبُعْد قَعْرها - أَعاذَني الله تعالى وإيَّاكم منها -، سَوداءُ مُظلِمة، فالله تعالى أعلَمُ، سواءٌ هذا أو هذا.
المُهِمُّ: أنها تُستَعمَل في لغة العرَب للنار العَظيمة المُسوَدَّة.
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ}: بَلى] وهذا هو جوابُ {أَلَيْسَ} وأَشباهِها، وحاصِلُه: أنه إذا دخَلَت همزة الاستِفْهام على ما يُفيد النفيَ فجوابُ التَّقرير (بلَى)، ولو قُلْت:(نَعَمْ) لكان نَفيًا، فإذا قلت: ألَمْ يَقُمْ زَيدٌ؟ فقال المُخاطَب:(نعَمْ)؛ يَعنِي: لم يَقُم، وإذا قُلت: أَلَمْ يَقُم زَيدٌ؟ فقال المُخاطَب:(بلى) أي: قد قامَ؛ ولهذا يُروَى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى:{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}[الأعراف: ١٧٢]، قال:"لو قالوا: (نعَمْ) لكَفَروا"؛ لأنهم إذا قالوا:(نعَمْ) يَعنِي: لسْتَ ربَّنا، هذا هو المَشهور في اللُّغة العربية، لكن ربما يَأتي الجوابُ بـ (نَعَمْ)