وصَدَق الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فهُمْ يَسمَعون كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا يَزيدهم هذا الكلامُ إلَّا حَسْرةً ونَدامة؛ ولهذا قال أَبو جَهْل حينما جاء إليه عبد الله بنُ مسعود - رضي الله عنه - وفيه رمَقٌ من حياة قال له: مَن أنتَ؟ قال: ابنُ مَسعودٍ. قال: لقَدْ ارتَقَيْتَ مُرتَقًى صعبًا يا رُويعيَّ الغَنَم! يَعنِي: كيف تَطَأ على رأس شَريف من أشراف قُريشٍ، ثُمَّ قال: لِمن الدائِرةُ اليومَ؟ قال: لله ورسولِه (١).
المُهِمُّ: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبَّخَهم على هذا الذي حصَل.
[من فوائد الآية الكريمة]
الْفَائِدَة الأُولَى: أنه يَنبَغي لمَن معَه الحقُّ أن يَكون قوِيًّا مُتحَدِّيًا لخَصْمه، فلا يَقِف مَوقِف الضَّعْف، يُؤخَذ من قوله تعالى:{اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} يَعنِي: ولا تُهِمُّونني.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: تَسلية النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فإن الله تعالى أمَرَه بذلك تَبشيرًا له وتَسلية بأنه ستَكون العاقِبة له.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنه لا بأسَ بإقرار الكُفَّار على كُفْرهم تهديدًا، وهذا أسلوبٌ مُتَّبَع حتى في تأديب الوالِد ابنَه فتَراهُ يَقول: استَمِرَّ على مَعصيتي! استَمِرَّ في اللَّعِب! لا تَحضُر للضيوف! مثَلًا يَقصِد التهديد.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُريد من نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - أن يَكون عاليًا على قومه يَتَكلَّم معهم من عَلٍ، وذلك بقوله تعالى:{قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ}، وهذا يُشبِه التَّحدِّيَ لهم أني لا يُهِمُّني أن تَعمَلوا ما عمِلْتم فإني سوف أَعمَل ما يُضادُّ ذلك.