للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٥٦)]

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} [الزمر: ٥٦].

قوله تعالى: {أَنْ تَقُولَ} يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} قبل إِتْيانه بوَقْته]، يَعنِي: لا تَشعُرون بوقته قبل إتيانه، بل قد ضرَبْتمُ الأمَل الطويل والتَّفاؤُل الذي ليس في مَحلِّه حتى أَتاكُمُ العَذاب؛ [فبادِروا قبلَ {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ}] قدَّر المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ هذا الذي ذكَر لدَلالة السِّياق عليه.

وهذا الذي قام به المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ يُسمَّى عند البَلاغيين: إيجازَ الحَذْف؛ لأن الإيجاز عِندهم نوعان: إيجازُ قَصْر، وإيجازُ حَذْف؛ فإيجازُ القَصْر أن تَكون العِبارة القَصيرة تَتَضمَّن مَعانيَ كثيرةً، وإيجاز الحَذْف أن تَكون العِبارة المَوْجودة قد حُذِف منها ما هو مَعلوم.

مثل قوله تعالى: {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص: ٢٤، ٢٥]، وهذه الآيةُ حُذِف منها شيءٌ كثير؛ لأن تَقديرها أن المَرْأتَيْن ذهَبَتا إلى أبيهما وأَخبَرَتاه بالخبَر، ثُمَّ أَرسَل إحداهما إلى مُوسى عَلَيْهِ السَّلَامُ فجاءَتْ إحداهما تَمشِي على استِحْياء.

فصار عِندنا الإيجازُ نوعين: إيجاز قَصْر بأن تَكون العِبارة قَصيرة تَتَضمَّن

<<  <   >  >>