وهنا نَسأَل: هل العَذاب هو العَذاب الحِسِّيُّ الذي به فَساد البَلاد، أو يَشمَل العَذاب الحِسِّيَّ والعذاب المَعنَويَّ؟
الجَوابُ: العَذاب هنا يَشمَل الأمرين لا شَكَّ، والإنسان قد يُعذَّب عذابًا مَعنويًّا بحيث تُفسَد عليه أمورُه؛ أمور الدِّين وأمور الدنيا، قال الله تعالى:{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ}[المائدة: ١٣]، وهذه عُقوبة، فمِن العُقوبات التي هي من أشدِّ عُقوبات الدنيا أن يُصَدَّ الإنسان عن ذِكْر الله تعالى، وعن الصلاة، فإن هذا أشَدُّ مَن أن يَفقِد الإنسان مالَه وولدَه، وقد كان بعض السلَف إذا نام عن صلاة الليل قال: إنني ما حُرِمت صلاة الليل إلَّا بذَنْب؛ فجعَل عدَم القِيام في الليل عُقوبة على ذَنْبٍ عمِلَه، وكلَّما كثُرَتِ المَعاصِي - والعِياذُ بالله - كثُر الإعراضُ عن ذِكْر الله عَزَّ وَجَلَّ، قال الله تعالى:{وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[الكهف: ٢٨].
الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: أن المُباغِت يَأتي بغير شُعورٍ من العَبْد؛ لأنه غافِل وليس يُفكِّر في أن يَأتِيَه العَذاب؛ لقوله تعالى:{وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}، والجُملة هذه يُسمِّيها علماءُ النَّحوِ رَحِمَهُم اللهُ: جُملةً حاليَّةً، يَعنِي: والحال أنكم لا تَشعُرون.