الْفَائِدَة الأُولَى: بيانُ مَآل المُفرِّط وهو التَّحسُّر وهو التَّندُّم مع الغَمِّ، التَّحسُّر: التَّندُّم مع الغَمِّ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن المُفرِّط سيَتحسَّر على تَفريطه.
ويَنبَني على هذه الفائِدةِ: أنه يَنبَغي أن يَكون الإنسان حازِمًا ذا نَشاط وقوَّة حتى لا تَفوته الأُمور، ثُم بعد ذلك يَندَم.
ويَتفَرَّع على ذلك الفائِدةُ الثالِثةُ: أنه يَنبَغي انتِهاز الفُرَص فمتى واتَتْك الفُرْصة فلا تُضيِّعْهَا.
ويَترتَّب على هذا أيضًا فائدةٌ رابعةٌ: أنه إذا صار أمامَك حاجَتانِ فابدَأْ بما أنت تُريده أوَّلًا وبادِرْ إليها، واجعَلِ الثانية ماثِلةً.
وهذا يَظهَر في سُنَّة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أمثِلةٍ مُتعَدِّدة منها: أن عِتبانَ بنَ مالك - رضي الله عنه - لمَّا ضعُف بَصرُه وصار لا يَتَمكَّن من الوُصول إلى مَسجِد قومه دعا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إلى بيته ليَتَّخِذ له مَكانًا يَتَّخِذه مُصلًّى، فخَرَج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إليه ومعه جماعة من أصحابه، فلمَّا وصَل البيت، وإذا الرجُل قد هيَّأ لهم طعامًا، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يَشَأْ أن يَبدَأ بالطعام، بل بدَأَ بما أتَى إليه، أي: بالقَصْد الأوَّل، فقال له:"أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ أُصَلِّيَ؟ " فأَراه المَكان، فصلَّى بهم (١).
وبِناءً على ذلك: يَنبَغي لكم أنتُم - طلَبة العِلْم - إذا أَرَدْتُم أن تُراجِعوا فَتاوى
(١) أخرجه البخاري: كتاب الصلاة، باب المساجد في البيوت، رقم (٤٢٥)، ومسلم: كتاب المساجد، باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر، رقم (٣٣).